واحدة من أكبر الخدع في مصر هي ادعاء اختفاء الطبقة الوسطى .. لو هذا صحيح فمن الذين قاموا بالفعل الثوري؟ الجياع؟؟ بالتأكيد لا .. بل هي الطبقة الوسطى التي يدعون انها تآاكلت.. و لهذا صحيح، فهو يعني ان الذين قاموا بالثورة اقلية لا تذكر و ليست ثورة مليونية كما يقولون.
الذين قاموا بالثورة و تحملوا متاعبها هم الطبقة الوسطى التي توسعت اقتصاديا و اجتماعيا و اصبحت طموحاتها السياسية اكبر من الواقع السياسي المصري.
لذلك، دعونا ننظر بعقلانية و بالحقائق والارقام الى هذه المقولة و نتعرف اكثر على حقيقة ان الطبقة الوسطى توسعت في ال 30 عاما الماضية اكثر من اي وقت في تاريخ مصر.
ما يلي منقول بتصرف بسيط
مثل هذه النظرة تنظر الى الطبقة الوسطى نظرة تقليدية واستاتيكية، فبالنسبة لها فان الطبقة الوسطى المشار اليها هي تلك الجماعة الاجتماعية المكونة من صغار الملاك في الريف والمهنيين وموظفي الحكومة في المدن. مثل هذه الطبقة تتعرض بالفعل لضغوط شديدة بحكم التضخم من ناحية، وبحكم عجزها عن المنافسة في سوق العمل والسوق الاقتصادية من ناحية أخرى.
ولكن الطبقة الوسطى مفهوم ديناميكي وغير جامد ومتغير من حيث مكوناته وتركيبته الاجتماعية ومن ثم فانه قابل لوجود شرائح داخله تكون بالمعنى المشار اليه، ولكنه من ناحية أخرى قابل لدخول شرائح أخرى تنتمي الى قوى انتاجية جديدة.
وما حدث في مصر بالفعل أن الطبقة الوسطى في عمومها توسعت لأنها ضمت الى صفوفها مجموعات جديدة مرتبطة بقوى السوق العاملة في مجالات التصدير والفنون الاعلامية والاتصالية ( السينما والتليفزيون والاذاعة والصحافة وخدمات الكومبيوتر والانترنت) والبناء والتشييد والسياحة والخدمات والمواصلات والمشروعات الصغيرة والمتوسطة وبعضها ينتمي الى البناء الاجتماعي الرسمي، والبعض الآخر ينتمي الى البناء غير الرسمي.
مثل هذه الشرائح تتوسع وتتعمق بسرعة كبيرة، بل انها في بعض الأحيان قد تكون مسؤولة عن الضغوط المادية والمعنوية الواقعة على الشرائح التقليدية للطبقة الوسطى. ويعبر عن ذلك كثير من المؤشرات التي تعبر عن الأنماط الاستهلاكية لهذه الطبقة وتخومها داخل الطبقات الأعلى والأدنى.
وحدث تطور ملحوظ في المؤشرات الخاصة بطبيعة المسكن الذي تعيش فيه الأسرة المصرية، فقد ارتفعت نسبة الأسر التي تقيم في مساكن متصلة بمواسير مياه الشرب من 2 ,73% في سنة 1995 الى 7 ,89% في سنة 2005، وارتفعت هذه النسبة في الريف من 2,53% الى 2 ,82%، وفي الحضر من 4 ,92% الى 98%. كما ارتفعت نسبة الأسر التي تقيم بمساكن بها دورة مياه أفرنجي بسيفون من 7 ,28% في سنة 1995 الى 43% في سنة 2005 وارتفعت هذه النسبة في الريف من 2 ,6 % فقط في سنة 1995 الى 1 ,17 % في سنة 2005، وارتفعت في الحضر من 4 ,50% الى 2 ,71% في سنة 2005 وحدث تحسن ملحوظ في نسبة الأسر التي تعيش في مساكن ذات أرضيات غير ترابية، فقد ارتفعت نسبة هذه الأسر من 5 , 70% في سنة 1995 الى 2 , 89% في سنة 2005، كما ارتفعت في الريف من 46% الى 7 ,80%، وفي الحضر من 1 , 94% الى 4 ,98 % خلال نفس الفترة.
وارتفع عدد المشتركين في خدمة التليفونات الثابتة من 9,4 مليون مشترك في أكتوبر 1999 الى حوالي 2,11 مليون مشترك في ديسمبر 2007 كما ارتفع عدد المشتركين في خدمة التليفون المحمول من 654,0 مليون مشترك في أكتوبر 1999 الى أكثر من 30 مليون مشترك في ديسمبر 2007 (و 72 مليون في يناير 2011) أيضا ارتفع عدد مستخدمي شبكة الانترنت خلال الفترة ذاتها من 3 ,0 مليون مستخدم بنسبة 58 ,0% الى 62 ,8 مليون مستخدم بنسبة 7 ,11%. وقد ارتفع عدد مستخدمي خاصية الانترنت السريع ADSL من حوالي 206 آلاف مستخدم في ديسمبر 2006 الى 427 ألف مستخدم في ديسمبر 2007 . (24 مليون في يناير 2011) رقم مذهل
وفي الاتجاه ذاته، ارتفعت الشركات العاملة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات خلال الفترة ذاتها أيضا من 266 شركة بنسبة 42,0 شركة لكل ألف نسمة، الى 2348 شركة بنسبة 2,3 شركة لكل ألف نسمة. كما ارتفع عدد نوادي تكنولوجيا المعلومات من 30 ناديا فقط بنسبة 14,0 ناديا لكل 25 ألف نسمة الى 1698 ناديا بنسبة 54,0 ناد لكل 25 ألف نسمة.
وأضف الى ذلك فان القاعدة الاجتماعية لسوق العمل في مجال تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات قد شهدت اتساعا كبيرا خلال السنوات الأخيرة، فقد ارتفع عدد المتدربين في مجالات التدريب المتخصص من 500 متدرب فقط في أكتوبر 1999 الى 5,31 ألف متدرب في ديسمبر 2007 ويمثل هؤلاء رافدا مهما لسوق العمل الخاصة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، الأمر الذي يعني اتساع القاعدة الاجتماعية للطبقة الوسطى المستندة الى هذه السوق. هذا بالاضافة الى خريجي الكليات والمعاهد العلمية ذات الصلة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
تشير قراءة الاحصاءات المتاحة حول سوق السيارات في مصر الى ارتفاع متزايد في عدد تراخيص السيارات الخاصة (الملاكي)، خاصة السيارات ذات السعة اللترية المتوسطة (1300-1600 (CC، وتركز حجم الزيادة في هذا النمط من السيارات خلال السنوات الأخيرة والمنتجة حديثا، الأمر الذي يشير الى اتساع حجم الطبقة الوسطى خلال السنوات الأخيرة. وارتفع العدد الكلي للسيارات المرخصة في مصر من 4,3 مليون سيارة في عام 2002/2003 الى 5 ,3 مليون سيارة في عام 2003/2004، الى 6 ,3 مليون سيارة في عام 2004/2005، الى 8 ,3 مليون سيارة في عام 2005/2006، لتصل الى 1 ,4 مليون سيارة في عام 2006/2007، بزيادة قدرها 7,0 مليون سيارة خلال الفترة 2002/2003 - 2006/2007 .
وقد استحوذت السيارات الخاصة (الملاكي) على 4,48% من اجمالي السيارات المرخصة في مصر حتى عام 2006/2007، بينما توزعت النسبة الباقية على باقي الفئات الأخرى. وقد ارتفع اجماليا عدد السيارات الملاكي المرخص خلال السنوات الأربع الأخيرة من 5,1 مليون سيارة في عام 2002/2003 الى حوالي 2 مليون سيارة ملاكي في عام 2006/2007 بنسبة زيادة قدرها 2,21%، وبمتوسط معدل نمو سنوي قدره 3,5%. والملاحظة المهمة هنا أيضا أن نسبة مهمة من اجمالي هذه السيارات المرخصة يرجع تاريخ صنعها الى سنوات حديثة نسبيا حيث 21% منها يعود تاريخ صنعها الى الفترة (2000- 2006)، 28% يعود تاريخ صنعها الى الفترة (1990- 2000)، أي أن حوالي 49% من اجمالي السيارات المرخصة حتى عام 2006/2007 يعود انتاجها الى الفترة (1990- 2006).
كل هذه الاحصائيات ليست تعبيرا عن أرقام صماء، وانما تعبر عن قوى اجتماعية تتغير أنماطها الانتاجية والاستهلاكية والأهم تفاعلاتها مع القوى الأخرى اقتصاديا واجتماعيا. وتلك قصة أخرى على أي الأحوال.
ممتااااز
ردحذف