2011-05-21

هل نرى في مصر عدة أحزاب تتداول السلطة أو تشكل حكومة ائتلافية مثلا؟


هل نرى في مصر عدة أحزاب تتداول السلطة أو تشكل حكومة ائتلافية مثلا؟


مصر ما نفعش معاها غير حزب الدولة القوي .. دي قراءة لتاريخنا من اول ما عرفنا الاحزاب .. و ده غالبا هيكون مستقبلنا على المدى القصير على الاقل جيلنا احنا .. دي جزء من الثقافة مش بتتغير بالثورات.. و الدليل ان لما الضباط الاحرار حلوا الاحزاب كلها و عملوا هيئة التحرير محدش اعترض لانه لم يكن هناك اساسا حياة حزبية غير على الورق و بين قصور النخبة .. لم يظهر من يدافع عن ديموقراطية العشرينات و الثلاثينات .. قارن ده بالانقلاب الديكتاتوري اللي حصل في أسبانيا في السبعينات و ازاي الشعب تغلب عليه و اعاد الديموقراطية تاني

بس ايه هي الديكتاتورية؟ ديكتاتورية قمعية زي ستالين اكيد لأ .. ديكتاتورية رشيدة زي الخلفاء الراشدين او هارون الرشيد مثلا ، ممكن .. ديكتاتورية  زي الصين برضه ممكن

اعتقد ده جزء من ثقافة الشرق .. الشعوب تتحلق حول قائد او زعيم او خليفة او ملك او فرعون او امبراطور .. حتى الفكر السياسي الاسلامي بيقول خليفة و معاه اهل الحل و العقد (انا ضد فكرة الخليفة على فكرة وشايف انها ليست من الاسلام في شيء)... الموروث الثقافي كله يمجد حاجة اسمها في "الاتحاد قوة" و ينبذ الفرقة و لا يشجع على الاختلاف .. ثقافة انما ياكل الذئب من الغنم القاصية .. ده مش مصر او العرب او العالم السلامي بس بس، ده المشرق كله

النجاحات الاسيوية مثلا موجودة في وسط ديكتاتوريات: قمعية زي الصين او عادلة زي سينغافورة و هونج كونج.. قبل  الثلاثين سنة اللي فاتت الدول الاسيوية الديموقراطية مثل كوريا الجنوبية وماليزيا و تايوان و تايلاند كانت كلها تحت حكم الحزب الواحد و المجالس العسكرية .. و لكنهم طبقوا نموذجا معدلا من النموذج الاوروبي للتطور: الرأسمالية و سيادة القانون أولا ثم الديموقراطية .. يعني النمو الاقتصادي في ظل حكم شبه ديكتاتوري كان الافضل لهم .. و عندما يصل متوسط دخل الفرد في الصين الى مستويات معينة (ححدها البعض ب 6000 دولار) ممكن ساعتها الناس تطالب بالديموقراطية  ولكن ليس ان تحارب من اجلها


حتى لما بنعمل مجلس صغير زي اتحاد ملاك عمارة مثلا، الناس بتقطع بعض .. و تلاقي السكان جريوا على جارهم عقيد الشرطة اللي ساكن معاهم و يقولوا عايزينك انت تمسك العمارة ..

كل دول المشرق و اولها مصر هي دول شديدة المركزية .. و ده برضه بيشجع على توحد الشعوب خلف حزب او كيان قائد يجمعهم لانهم متعودين على التمركز

و نماذج التعددية الحزبية و الحكومات الائتلافية في الشرق الاوسط فاشلة لدرجة مرعبة .. اقصد هنا العراق و لبنان و الطائفية اللي مقطعاهم لمجرد ان الناس سمح لها ان تخرج من تحت عباءة الحزب الواحد.. او فلسطين اللي بيتخانقوا على الدولة قبل حتى ما تتولد لمجرد خروجهم من تحت عباءة منظمة التحرير رغم ان كان عندهم الانتخابات النزيهة الوحيدة في العالم العربي

حتى اندونيسيا و يوغسلافيا: تحت حكم سوهارتو و تيتو كانت اكثر ليبرالية و اكثر تسامحا .. بعد القضاء على الديكتاتور في كل من البلدين تحولت الى ماساة انتهت بتفكك يوغسلافيا (لسه التفكك لم ينته بعد) و مطالبات بالحكم الذاتي في اندونيسيا (وده حصل في بالي)

تشرشل نفسه قال الديموقراطية ليست افضل نظم الحكم بل هي ليست الاسوأ

ده غير ان ديموقراطيات الغرب هي ديموقراطيات ليبرالية .. و احنا لسه شعوب مش ليبرالية

ومش هتلاقي مثلا خلافات عميقة بين الحزبين الجمهوري و الديموقراطي في امريكا او المحافظين و العمال في برطانيا .. كلهم يتفقوان على مبادئ محددة اهمها العلمانية و الليبرالية و الرأسمالية ..  المكسيك و هي جارة لامريكا ظلت تحت حكم حزب واحد لمدة 77 سنة وهو حزب التحرير .. ثم تنازل الحزب طواعية عن السلطة في 2003 تقريبا ليسمح بالتعددية الحزبية و تداول السلطة.. و رجع تاني فاز بالرئاسة بعد دورة انتخابية ..

بالمناسبة.. امريكا ليست النموذج المثالي في الديموقراطية بل هي فقط النموذج الافضل .. بدليل انه لو قلنا ان تعريف الديموقراطية هو حكم الشعب ، ازاي نفسر ان الكونجرس الامريكي تمثيله عباره عن 2 سناتور من كل ولاية يعني ولاية اريزونا اللي فيها 3 مليون نسمة تتساوى في التمثيل مع ولاية كاليفورنيا اللي فيها 30 مليون ؟ يبقى فين شعار One Man One Vote?
 ازاي مثلا القضاة التسعة في المحكمة العليا اعلى سلطة في امريكا هم قضاة غير منتخبون بل يعينهم الرئيس و يرأسون المحكمة مدى الحياة؟

احنا بقى محتاجين سنوات لنتطور ديموقراطيا .. ده مش عيب فينا .. ده التطور الطبيعي لحكم الشعوب .. لاحظ ان فيه نسبة لا بأس بها من الشعوب الاسلامية مازالت تتذكر انه كان عندها خليفة المسلمين في الاستانة حتى سنة 1924 .. يعني ثفاقة لا تشجع على التفرق و بتسميه تشرذم


الثقافة في مصر اختزلت الخلاص والعدالة في الديموقراطية و اختزلت الديموقراطية في اجراء الانتخابات و اختزلت نزاهة الانتخابات في الاشراف القضائي.. و كل ماعدا ذلك شكليات

عشان كده بقول ان مصر هيكون فيها حزب واحد قائد هو حزب الدولة او حزب الرئيس .. و حوله احزاب معارضة تقوم بدورها في التقويم و النقد .. بس المشكلة ان احنا اتعودنا على المعارضة فقط و ليس تحمل مسؤولية السلطة .. يعني مافيش حزب مستعد يحكم لان المعارضة اسهل و الاعتراض هو الشيء الوحيد اللي يعرفه .. حتى لما قالك نعمل حكومة وطنية و نجيب ناس من الاحزاب لم يجدوا اي كوادر نهائيا .. و لما جابوا منير فخري و جودة عبدالخالق تبرأ منهما الوفد و التجمع عشان دي احزاب لا تعرف  الا المعارضة

و تجربة حزب الجبهة اللي كنا فاكرين انه ليبرالي توضح لنا ان اكثر الناس ليبرالية في مصر لا يعرف الا حكم الفرد المطلق و السلطات المركزية

كفاية كده نكمل بعدين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق