2011-09-01

العلاقات العسكرية الإسرائيلية – التركية


العلاقات العسكرية الإسرائيلية  التركية


د. هشام فوزي عبد العزيز

أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر المساعد

كلية المعلمين في حائل



ملخص البحث

         تهدف الدراسة إلى معالجة طبيعة العلاقات العسكرية الإسرائيلية - التركية بين عامي 1993-1998م / 1413-1418هـ وأهدافها من وراء ذلك ، ومجالات تلك العلاقات التي تمثلت في قيام إسرائيل بتحديث القوات العسكرية التركية وتزويدها بمختلف أنواع الأسلحة ، وإقامة مشاريع مشتركة للصناعات العسكرية المختلفة، وإجراء مناورات عسكرية مشتركة ، إضافة إلى التعاون الأمني والاستخباري بينهما . كما تطرقت الدراسة إلى أخطار تلك العلاقات على الأمن القومي العربي والإسلامي .
وتوصلت الدراسة إلى أن العلاقات العسكرية الإسرائيلية - التركية ، هي علاقات تحالفيه واستراتيجية أثرت وتؤثر سلباً على الأمن القومي العربي والإسلامي .

أولا- بداية العلاقات العسكرية الإسرائيلية التركية وتطورها:
        كانت العلاقات التركية مع إسرائيل والغرب في فترة أواخر الأربعينيات والخمسينيات الميلادية ، قوية ، ومما يدلل على ذلك أنها اعترفت بإسرائيل في آذار عام 1949م – 1369هـ ، وفي العام التالي عينت ممثلاً لها في تل أبيب ، وفي عام 1952م – 1372هـ تم تبادل السفراء بينهما (1) . وفي تلك الفترة وما بعدها أخذت تركيا توطد علاقاتها مع الغرب إذ انضمت في العام الأخير إلى حلف شمال الأطلسي N.A.T الأمر الذي أدى إلى زيادة التواجد العسكري الغربي في أراضيها كما أنها انضمت في عام 1955م – 1375هـ إلى حلف بغداد إلى جانب بريطانيا وإيران وباكستان والعراق ، وقد أكد ذلك توجهاتها الغربية ، ورغبتها في السيطرة على المنطقة ومحاولتها تطويق المد العربي فيها (2) .
وفي مجال العلاقات العسكرية قامت إسرائيل وتركيا وإيران بتنسيق جهودهم الأمنية والاستخبارية للتصدي " للخطرالشيوعي والبعثي " الذي ظهر آنذاك في كل من العراق وسوريا . وقد استمرت تلك العلاقة إلى فترة الستينيات الميلادية(3) . وفي فترة السبعينيات الميلادية أخذت إسرائيل تزود تركيا بالأسلحة(4) . واستخدم البعض منها كالمدافع والصواريخ والرشاشات عندما استولى الأتراك على الجزء الشمالي من قبرص عام 1974م –1394هـ . وفي تلك الفترة عينت تركيا مستشاراً عسكرياً لها في إسرائيل بهدف توطيد علاقتهما العسكرية (5) .
         لقد اعتمدت العلاقات بين إسرائيل وتركيا في فترة الثمانينيات الميلادية على موقف الجهاز السياسي والعسكري التركي من إسرائيل ، إذ شهدت الفترة بين عامي 1980- 1984م / 1400-1404هـ فتوراً في العلاقات السياسية والاقتصادية والعسكرية بينهما ، وكان ينظر إلى إسرائيل على أنها تشكل خطراً على تركيا . لكن تلك النظرة قد تغيرت بعد عام 1985م- 1405هـ  واصبح ينظر إليها إيجابيا ، وتعزز ذلك بانسحاب القوات الإسرائيلية من لبنان في ذلك العام ، عندها أعيدت العلاقات العسكرية بين الطرفين حيث شكلت لجان مشتركة بينهما ، وذلك لبحث ومناقشة القضايا العسكرية والأمنية بينهما (6) . وفي عام 1989م - 1409هـ وقعت اتفاقية عسكرية محدودة بين سلاحي الجو التركي والإسرائيلي ، بهدف التعاون في مجال التدريب وتبادل المعلومات العسكرية (7) .
         وشهدت الفترة ما بين عامي 1990م- 1992م / 1410-1412هـ  ، ظهور تغييرات سياسية واقتصادية وعسكرية ، إقليمية  في الشرق الأوسط ، واسيا وعالمية تمثلت في عملية السلام بين إسرائيل وبعض الدول العربية مثل الأردن وسورية وفلسطين ، وتفكك الاتحاد السوفيتي عام 1991م – 1411هـ ، وانتهاء حرب الخليــج الثانية 1991م-1411هـ  ، وتقلص العلاقات الاقتصادية بين تركيا والبلدان العربية ، وظهور مشكلات سياسية داخلية وخارجية في تركيا ، أدت إلى تطوير علاقاتها السياسية والاقتصادية والعسكرية مع إسرائيل دون معوقات تذكر من الجانب العربي والإسلامي(8) .
 وتميزت الفترة بين عامي 1991م - 1411هـ وبداية 1996م – 1416هـ بأنها مرحلة لبناء العلاقات السياسية والاقتصادية والعسكرية بين تركيا وإسرائيل ففي المجال الأول ، رفع مستوى التمثيل السياسي بين البلدين إلى مستوى السفراء عام 1991 م –1411هـ ، كما قام وزير السياحة التركي السابق عبد القادر أتش Abdul kadir Ates بزيارة إلى إسرائيل عدت الأولى من نوعها ، وتمخض عنها توقيع معاهدة في حزيران 1992م-ذو الحجة، 1412هـ  لتسهيل الزيارات السياحية بينهما (9) .  كما قام حكمت جتين Hikmet Cetin، بأول زيارة لوزير خارجية تركي إلى إسرائيل في 12 تشرين الثاني 1993م –28جمادى الأول 1414هـ نتج عنها التوقيع على مذكرة للتفاهم والتعاون المشترك ما بين تركيا وإسرائيل ، وتم فيها التأكيد على التعاون الاقتصادي والعلمي وتبادل الزيارات ، والتعاون الإقليمي ، وتنسيق الجهود المشتركة مع الولايات المتحدة الأمريكية (10) وفي المقابل قام عزرا وايزمن Ezra Weizman، رئيس دولة إسرائيل بزيارة إلى تركيا في25 كانون الثاني 1994م- 13شعبان1414هـ ، ولمدة ثلاثة أيام ، تناولت المباحثات التي اجراها مع الأتراك سبل تطوير شتى العلاقات بين البلدين ( 11) وللتأكيد على مستوى العلاقات السياسية والاقتصادية والعسكرية بين البلدين ، قامت تانسو جللر  Tansu Ciller رئيس الوزراء التركية بزيارة إلى إسرائيل في 31آذار1994م-19شوال1414هـ ، تم فيها التوقيع على العديد من الاتفاقيات السياسية والاقتصادية والأمنية(12) .
وفي مجال العلاقات العسكرية ، فقد سمحت تركيا لإسرائيل في عام 1990م- 1410هـ  بإنشاء محطات للتجسس الأمـني والاستخباري على الدول الــمجاورة وبخاصة العراق وسوريا وإيران (13) .وفي أثــناء أزمة الخليـــج عام 1991م –1411هـ  سمحت تركيا للطائرات الإسرائيلية باستخدام مطاراتها العسكرية لأغراض التجسس على العراق (14) . وضمن إطار الزيارات العسكــرية ، فقد زار قائــد سلاح الجــو الإسرائيـــلي هرتزل بودينـغر Herzel Bodenger  ، تركيــا في شهر آب 1993م – ربيــع الأول 1414هـ ، والتقى فيها وزير الدفاع ، ورئيس هيئة الأركان ، وقائد سـلاح الجو الأتراك . وتم فيها البحث في سبل تطوير العلاقات العسكــرية بين البلدين (15) . وأعقبها زيارة قام بها دافيد عفـري David Evri  ، المدير العام لوزارة الدفاع الإسرائيلية ، إلى أنقرة أواخر ذلك العام ، على رأس وفد من كبـار قادة الجيش الإسرائيلي . وقد اجتــمع الوفد الإسرائيلي مع نظيره التركي ، وكان محور المحادثات إقامة روابط عسكرية على أساس المصالح الاستراتيجية المشتركة  (16) . ورغبة في توطيد العلاقات العسكرية والأمنية بين تركيا وإسرائيل ، قام المفتش العام للشرطة الإسرائيلية اساف حيفتسIsaf Hevetz   بزيارة تركــيا في شهر تشــرين الأول 1994م - جمادى الأولى 1415هـ ، واجتمع مع رئيس خدمات الأمن التركي محمد آجار . وتناولت المباحثات التعاون في مجال " مكافحة الإرهاب "(17) . وفي 18أيلول1995م -23ربيع الثاني 1416هـ ، اجتمع دافيد عفري مع قادة الجيش التركي في أنقرة ، وبحث موضوع المشاريع الأمنية المشتركة ، وتطورات الوضع في الشرق الأوسط (18).
وأثمرت الجهود الإسرائيلية  التركية خلال الفترة ما بين عامي1990-1995م /1410-1415هـ  عن تطورات جذرية في العلاقات السياسية والاقتصادية والعسكرية بين البلدين خلال الفترة اللاحقة التي تمتد ما بين عامي 1996-1998م / 1416-1418هـ  إذ شهدت انطلاقة جديدة في حجم ونوع العلاقات العسكرية بينهما ، فتجسد ذلك في عقد الاتفاقيات العسكرية والأمنية ، وقيام إسرائيل بتحديث مختلف أسلحة الجيش التركي ، إضافة إلى تزويده بشتى أنواع الأسلحة ، وإجراء المناورات الجوية والبحرية المشتركة ، فضلاً على التنسيق العسكري والاستراتيجي ، وتبادل الزيارات العسكرية على مختلف المستويات والأصعدة (19) . ففي مجال عقد الاتفاقيات العسكرية بين إسرائيل وتركيا ، أثمرت جهودهما عن التوقيع على اتفاقية التعاون العسكري والأمني في 24 شباط  1996م – 5 شوال 1416هـ. وتضمنت تبادل زيارات العسكريين والأسلحة والمعدات العسكرية في البلدين ، وإجراء التدريبات الجوية والبحرية ، بالتنسيق والتعاون المشترك مع الولايات المتحدة الأمريكية . إضافة إلى التعاون الأمني والاستخباري و " مكافحة الإرهاب " . وقد تم الإعلان عن بعض تلك البنود رسمياً مثل إجراء التدريبات المشتركة المحدودة ، وسرب البعض الآخر منها في الصحف التركية والإسرائيلية. وثمة بنود أخرى ، تتعلق بطبيعة العلاقات العسكرية ومجالاتها وأهدافها ، بقيت سرية ولم يعلن عنها (20 ) .
وقد دأب المسؤولون الأتراك على التقليل من أهمية تلك الاتفاقية ، وكذلك على التأكيد على أنها لا تشكل تحالفاً بين إسرائيل وتركيا ، وليست موجهة ضد طرف ثالث هو الطرف العربي والإسلامي ، وأنها تماثل اتفاقيات التدريب والتعاون العسكري التي وقعتها تركيا مع العديد من الدول . وهذا التفسير لا يعول عليه لأسباب وعوامل عديدة من أهمها (21) :
   1- أن الاتفاقية تسمح للطائرات الإسرائيلية بالتحليق في أجواء تركيا ، وهذا الأمر غير مسموح به في الاتفاقيات التي وقعتها تركيا مع الدول الأخرى .
   2-  لم تعلن بنود الاتفاقية جلها رسمياً ، حتى أنه لم يعلن عنها شيئاً إلا في نيسان 1996م -ذو القعدة 1416هـ ، أي بعد أكثر من شهرين من إبرامها ، حيث سربت بعض بنودها في الصحف التركية والإسرائيلية ، وهناك بنود بقيت سرية .
   3- هناك أطراف عربية وإسلامية مستهدفة في الاتفاقية العسكرية الإسرائيلية  التركية ، وبخاصة سوريا ، التي تعد من وجهة نظرهما " داعمة للإرهاب " وتسعى لإيجاد توازن استراتيجي معهما ، إضافة إلى خلافاتهما العميقة حول الحدود والمياه ، معها .
   4- أثبتت مجالات التعاون العسكري الإسرائيلي  التركي ، والتي تميزت بالشمول والتنوع ، كما سيشار إلى ذلك بالتفصيل فيما بعد ، بأن التصريحات المشتركة لهما بشأن تعاونهما العسكري غير صحيحة ومتناقضة ، هدفها التضليل عن أهمية وخطورة ذلك التعاون .
         ومن المؤشرات الهامة على تطور العلاقات السياسية والاقتصادية والعسكرية ، وبخاصة في المجال الأخير ، الزيارات المتبادلة بين الطرفين . ففي أعقاب التوقيع على الاتفاقية العسكرية والأمنــية في شباط 1996م- شوال 1416هـ قام الرئيس التركي سليمان دميرل Suleman  Demirel  ، بأول زيارة لرئيس دولة تركي ، إلى إسرائيل ، وبصحبته وفد يضم 200 عضو ، وذلك في 11 آذار1996  م –21 شوال1416هـ . وقد ناقش الوفد التركي مع الجانب الإسرائيلي مجالات التعاون بين البلدين ، وبخاصة التعاون العسكري بينهما(22) . كما قامت تركيا بزيادة عدد الملحقين العسكريين الأتراك في سفارتها في إسرائيل من واحد إلى ثلاثة (23) .
         واستمرت العلاقات العسكرية الإسرائيلية  التركية بالتطور حتى في ظل ازدياد النفوذ الإسلامي في تركيا : اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً ، وبخاصة بعد تسلم نجم الدين اربكان Necmettin Erbakan  ، رئاسة الحكومة في الفترة من حزيران 1996م - محرم 1417هـ إلى حزيران 1997م – محرم 1418هـ وكان اربكان زعيم حزب الرفاه من المعادين لإسرائيل والغرب ، ومن دعاة التقارب مع العالم الإسلامي ، لكن التيارات السياسية العلمانية
بعامة ، وقيادة الجيش بخاصة ، قد مارست عليه شتى أنواع الضغوط السياسية والإعلامية والعسكرية ، مع العلم بأن العلاقات الخارجية مع إسرائيل كانت تدار من قبل جنرالات الجيش التركي ، مما أجبر اربكان على تغيير مواقفه من إسرائيل ، وأخذ يبرر التعاون العسكري بين الدولتين بأنه في مصلحة تركيا(24) . ومن الأمثلة التي توضح دور الجيش في العلاقات مع إسرائيل أن إسماعيل حقي كردائي 
  Ismael Kardai قام بزيارة إسرائيل في شهر شباط 1997م –رمضان، 1417هـ ، وبرفقته 13 صحفياً ، دون إبلاغ اربكان بها ، وبرر ذلك بأنه ليست هناك حاجة للحصول على موافقته (25). ومن الأمثلة التي تبين تغير موقف اربكان من إسرائيل انه اجبر على استقبال دافيد ليفي David Lavy وزير الخارجية الإسرائيلية في أنقرة خلال شهر شباط 1997م – رمضان 1417هـ وقابلة دون أن يتحدث معه عن العلاقات العسكرية بين البلدين(26) .
         لقد اعتبرت المؤسسة العسكرية ، النشاطات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يقوم بها أنصار التيار الإسلامي تهديداً للعلمانية في تركيا لذلك برروا سياستهم إزاء نجم الدين اربكان بانها وفق الدستور الذي منحهم دورا  سياسياً فهذا سيفيل باير  Cevik Bir ، نائب رئيس هيئة الاركان والمتحدث باسم الجيش التركي يقول عن ذلك الأمر " بأننا نتصرف وفق الدستور التركي بشكل صارم حيث يشير البند الثاني أننا دولة علمانية ، ويشير البند الرابع أن هذا النص لا يمكن تغييره ، ولقد أعطانا البرلمان مسؤولية حماية الأراضي التركية وحماية الجمهورية التركية . في الولايات المتحدة وبريطانية ليست من مهمة الجيش الدفاع عن النظام السياسي ، أما في تركيا فان هذه المهمة معطاة لنا من قبل القانون " .  ولذلك فأن قادة الجيش قد أرغموا اربكان على الاستقالة من منصبه في 18حزيران 1997م –12صفر 1418هـ( 27) .  وتجدر الإشارة إلى أن العلاقات العسكرية التركية مع إسرائيل قد منحت قادة الجيش التركي قوة دفع ،  ووسائل مناسبة للتصدي لمختلف النشاطات الإسلامية في تركيا ، كما وفرت لهم المعلومات المناسبة عن الارتباطات الخارجية لتلك النشاطات (28).
         واستمرت وتيرة العلاقات العسكرية الإسرائيلية – التركية بالتطور والتوســع في شتى المجالات أعقاب استقالة أربكان وحتى نهاية عام 1998م -1418هـ . فعلى صعيد الزيارات العسكرية بين البلدين قام طرخان طيان  Turhan Tayan  وزير الدفاع التركي بزيارة إسرائيل تعتـبر الأولى من نوعــها وذلك في الفتـرة 3/4/1997م – 26/11/1417هـ - 2/5/1997م - 25/12/1417هـ أجتمع خلالها مع الرئيس الإسرائيلي عزرا وايزمن ورئيس الحكومة الإسرائيلي آنذاك بنيامين نتنياهو  Benjamin Netanyah ونظيره وزير الدفاع الإسرائيلي اسحاق مردخاي  Yitzhaq Mordachai تناولت المباحثات بين الطرفين شؤون التعاون العسكري بينهما (29)   . وأعقبها زيارة قام بها نائب رئيس هيئة الأركان التركي سيفيل باير إلى إسرائيل يرافقه وفد يضم 24 عسكرياً اجتمعوا مع نظرائهم الإسرائيليين قادة الجيش الإسرائيلي ، إضافة إلى رئيـــس الوزراء نتنياهو الذي أكد على العلاقات العسكرية المتميزة بين البلدين(30) . وفي المقابل قام وزير الدفاع الإسرائيــلي اسحـــاق مردخاي بزيارة تركيا في 9/12/1997م -9/8/1418هـ  أجتمع خلالها مع رئيس الحكومة التركية مسعود يلماز Mesut Yilmaz  ومع قادة الجيش التركي وتناولت المباحثات توطيد العلاقات العسكرية بين البلدين ، وترافق ذلك مع قيام المدير العام لوزارة الدفاع الإسرائيلية ايلان بيران Elan Biran  بالتباحث مع قادة الجيش التركي حول موضوعات التعاون العسكري والأمني بينهما (31) .
            وضمن الإطار السابق ، زار وزير الدفاع التركي تونشر كيللينش Tonchar kiLLinch إسرائيل في 21 كانون الأول1997م – 21 شعبان 1418هـ بهدف تعميق العلاقات العسكرية الإسرائيلية- التركية. كما قام دافيد عفري بزيارة تركيا على رأس وفد يضم أعضاء من قسم التخطيط، إضافة إلى قادة من سلاح الجو الإسرائيلي (32).
وبهدف توطيد العلاقات العسكرية الإسرائيلية  التركية قام المرشـــح لرئاسة هيئة الأركان الإسرائيلية شاؤل موفاز  ShaoL Movaz بزيارة تركيا في  17/6/1998م -22/2/1419هـ فاجتمع مع كبار جنرالات الجيش . وفي 1 كانون الأول 1998م –12 شعبان1419هـ زار قائد سلاح الجو التركي الجزال ابلريين بتلتيش، إسرائيل وحل ضيفا على قائد سلاحها الجوي ايتان بن الياهو Eitan Ben Eliaho كما التقى مع اسحاق مردخاي إضافة إلى قيامه بزيارة قواعد سلاح الجو والصناعات العسكرية الجوية (33) .
         ويتضح مما سبق عمق العلاقات العسكرية الإسرائيلية  التركية ومن مؤشرات ذلك مستوى التنسيق والزيارات ذات الأغراض والأهداف والمستويات المختلفة ، وإن غلب عليها زيارات الشخصيات السياسية والعسكرية رفيعة المستوى كما أنها اتسمت  بالتطور وبالتكرار. يضاف إلى ذلك أن البلدين وقعا العديد من الاتفاقيات العسكرية والأمنية التي من شأنها أن تؤكد عمق تلك العلاقة بينهما .

ثانياً – أهداف ومبررات العلاقات العسكرية الإسرائيلية – التركية :
         لم تبرز العلاقات العسكرية الإسرائيلية  التركية فجأة ودون وجود أهداف ومبررات لها ، بل كانت نتيجة للأوضاع السياسية والاقتصادية والعسكرية لكل من تركيا وإسرائيل ، وعلاقاتهما مع دول جوارهما ، إضافة إلى أنها جاءت تمشياً مع السياسة الخارجية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط وأواسط أسيا . وعليه فإن ثمة أهداف ومبررات تسعى تلك الدول لتحقيقها ، يمكن إجمالها على الشكل الآتي :

أ  الأهداف والمبررات التركية
        رأت المؤسسات العلمانية في تركيا بعامة ، والمؤسسة العسكرية بخاصة ، أن تعاونها العسكري مع إسرائيل قد يحقق لها الأهداف الداخلية والخارجية الآتية :
1-      ممارسة الضغوط على النشاطات الإسلامية المختلفة في تركيا ، والاستفادة من الخبرات الإسرائيلية في هذا المجال ، وبخاصة بعد تسلم نجم الدين اربكان رئاسة الوزراء في تركيا . إذ رأت المؤسسات العلمانية في النشاطات الإسلامية تهديداً لتوجهاتها العلمانية وخطراً على علاقاتها مع إسرائيل والغرب ، لذلك ارتأت أن تعاونها العسكري مع إسرائيل يمنحها قوة لممارسة الضغوطات على تلك النشاطات ، إضافة إلى أنه يمكن الاستفادة من الخبرات الإسرائيلية في مقاومة الحركات الإسلامية الأصولية(34) .  
2-       التصدي لنشاطات حزب العمال الكردستاني Kurdish Worker,s Party .
         عانت تركيا سياسياً واقتصادياً وعسكرياً وبشرياً من العمليات العسكرية التي شنها حزب العمال الكردستاني على المؤسسات التركية المختلفة خلال الفترة ما بين عامي 1984-1995 م /1404هـ 1415هـ والتي ترتب عليها خسارة أكثر من 20 ألف ضحية ، وتدمير أكثر 2.000 قرية ، ونفقات سنوية تقدر ما بين6-8 مليار دولار أمريكي لذلك كان من جملة أهدافها الرئيسة  من وراء التعاون العسكري مع إسرائيل ، الإستفادة من خبراتها ، الفنية والأمنية والعسكرية والمعلوماتية لتحد من نشاطات ذلك الحزب(35) .
3-      ممارسة الضغوطات على الدول المجاورة لها :
         عانت تركيا من مشاكل عديدة ومعقدة مع دول جوارها وبخاصة ، سوريا والعراق وإيران واليونان وروسيا ، جعلها في وضع صعب ، وتمر في ظروف مقلقة . ويعبر حكمت جتين ، وزير خارجية تركيا السابق عن ذلك الوضع بقوله : " بسبب العوامل الجيو  جغرافية والجيو  استراتيجية ، وموقع تركيا المجاور لدول معظمها غير مستقر ، وغير متوقع الاحتمالات ، يجعلها ( تركيا ) في مواجهة العديد من التحديات ، وهي في معظمها محتملة الأزمات والصراعات التي يمكن أن تصلها ...فلها مشاعر القلق مع أربعة دول مجاورة لها هي اليونان وإيران وروسيا وسوريا" (36) .

         وتعود أسباب الخلافات ما بين تركيا وسوريا إلى عوامل عديدة منها الاختلاف حول الحدود واستيلاء تركيا  على لواء الاسكندرونه السوري عام 1939م – 1358هـ ، والاختلاف حول قضية توزيع مياه الفرات ، والادعاء التركي القائل بأن سوريا تدعم حزب العمال الكردستاني عسكرياً ولوجستياً ، إضافة إلى المخاوف التركية من التعاون العسكري السوري مع اليونان، وبخاصة في أعقاب التوقيع على اتفاقية عسكرية بينهما1995  م -1415هـ (37). أما خلافاتها مع إيران ، فتتمثل في إدعاء تركيا بأن الأخيرة تدعم النشاطات الإسلامية في تركيا ، وتوفر الدعم لحزب العمال الكردستاني . أما مع العراق فهناك خلافات حول توزيع مياه  دجلة ، والادعاء بأنه يدعم حزب العمال . فيما تجسد الخلاف مع روسيا حول المرور في المضائق ، والتنافس على الجمهوريات الإسلامية في أسيا الوسطى . وفيما يتعلق بخلافات تركيا مع اليونان فتتمثل في الخلاف حول بحر ايجه ، وقضية قبرص ، والادعاء التركي بدعم اليونان لحزب العمال الكردستاني (38) .
         ونظراً لتعدد مشكلات تركيا مع دول جوارها وتعقدها ، فقد رأت أن تعاونها العسكري مع إسرائيل سيجعل منها قوة قادرة على مجابهة أي دولة في حالة حدوث نزاع عسكري معها ، إضافة إلى اتخاذ تلك العلاقة ورقة ضغط على تلك الدول لوقف ما تسميه تركيا بـ " دعم الأكراد " وعدم مطالبتها بحقوقها بشأن الأراضي والمياه ، كما هو الحال بالنسبة لسوريا(39) .
4-       تحديث وتطوير جيشها :
         ترى تركيا بأنها تستطيع التغلب على مشاكلها الداخلية والخارجية من خلال تطوير وتحديث جيشها ليصبح قادراً على مواجهة تلك المشاكل بفاعلية . علماً بأن تعداد الجيش التركي أوائل التسعينيات نحو نصف مليون جندي نظامي ونحو 400 ألف احتياطي ،ويضم 4300 دبابة ، و450 طائرة . وهذا يعد جيشاً كبيراً من ناحية العدد وفقاً للمفاهيم العسكرية  ، وبخاصة إذا ما قورن بالجيوش الموجودة في منطقة الشرق الأوسط (40) . ولكن تلك الأسلحة أغلبها من الأنواع القديمة وتحتاج إلى تطوير ، يضاف إلى ذلك هناك ضعف في القدرات العسكرية التركية ضد أسلحة الدمار الشامـل ، وضعف في نظام الاتصالات ووسائل النقل الضرورية (41) .
         لقد وضعت تركيا خططها العسكرية لتطوير جيشها وتحديثه ليصبح قادراً على أن يكون في طليعة الجيوش في منطقة الشرق وحتى على المستوى العالمي ، وعليه فإن أهم ما جاء في تلك الخطط المستقبلية ، إنفاق نحو 150 مليار دولار أمريكي لتحديث الجيش التركي خلال 25 عاماً ، ينفق من بينها 65مليار دولار لتطوير سلاحها الجوي ، و 60 مليار للقوات البرية ، و 25 مليار للقوات البحرية (42) .
         وكان بإمكان الولايات المتحدة الأمريكية أن تقوم بتطوير وتحديث الجيش التركي لأن 80 % من أسلحته مصدرها منها (43). وقد واجهت تركيا صعوبات في الحصول على الأسلحة الأمريكية المتطورة نظرا لاعتراضات جماعات حقوق الإنسان الأمريكية على تزويدها بالأسلحة وذلك لانتهاكها حقوق الإنسان فيها ، إضافة إلى اعتراض جماعات الضغط والمجموعات المعارضة لتركيا وبخاصة اليونانية التي عارضت بشدة تزويد تركيا بالأسلحة المتطورة(44) . ولم تكن إدارة الرئيس الأمريكي بيل كلنتون  BiLL Clenton راغبة في خوض صراع مع تلك المجموعات بل لجأت إلى إسرائيل ، من الباب الخلفي لها ، والتي تمتلك تكنولوجيا عسكرية متقدمة وبديلة عن الأسلحة والتكنولوجيا الأمريكية لتقوم بهذه المهمة من خلال تشجيعها لقيام تحالف إسرائيلي – تركي ، وبذلك فان تلك المجموعات لا تستطيع الاعتراض على قيام إسرائيل بتحديث وتطوير الجيش التركي وتزويده بالأسلحة المتطورة ، لاعتبارات عديدة أهمها أنها دولة حليفة للولايات المتحدة ، والنفوذ اليهودي فيها كبيراً . ويضاف إلى ذلك أن الأسلحة الإسرائيلية اقل كلفة من الأسلحة الأمريكية ، وإسرائيل لا تربط عملية بيع أسلحتها بقضايا حقوق الإنسان . وبذلك فان الولايات المتحدة استطاعت الخروج من الوضع السابق من خلال تشجيع التحالف العسكري الإسرائيلي  التركي ،الذي يلبي للأخيرة الحصول على أسلحة متطورة ، ويلبي المصالح الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط في الوقت نفسه (45) .
5-      تدعيم دورها الإقليمي :
         رأت تركيا أن مساهمة إسرائيل في تحديث قواتها العسكرية سيجعلها مؤهلة لان تساهم بفاعلية في المجال الإقليمي ، أي في منطقة الشرق الأوسط واسيا الوسطى ، هذا في ظل قوة اقتصادية تتمتع بها ، وموقع استراتيجي مهم. ومن شأن ذلك أن يتيح لها القيام بدور إقليمي بارز في المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية ، بالتنسيق والتعاون مع إسرائيل والولايات المتحدة ، وذلك بهدف مواجهة " الإرهاب " الذي يتمثل من وجهة نظرهم " بالإسلام الأصولي " ممثلاً ببعض المنظمات الإسلامية المتطرفه في تركيا ، ومنظمة حماس الفلسطينية وحزب الله اللبناني ، وحزب العمال الكردستاني . كما تسعى تلك الدول من وراء تعاونها الإقليمي نشر الاستقرار والأمن ، وحفظ التوازن الإستراتيجي ، ومنع انتشار الأسلحة غير التقليدية لدى الدول الأخرى غير تركيا وإسرائيل ، وبالذات الدول الإسلامية (46) .
6-      توطيد علاقاتها السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية مع إسرائيل :
   إن من شأن توطيد تركيا لعلاقاتها العسكرية مع إسرائيل  إن توطد ، أيضا، العلاقات في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية . وبالتالي فان إسرائيل ستقدم لتركيا خبراتها في تلك المجالات ، إضافة إلى أنها ستدعم الدخول التركي إلى المؤسسات الاقتصادية العالمية ، كالسوق الأوربية المشتركة ، ثم أن بإمكان مراكز الضغط اليهودية في الولايات المتحدة أن تدعم المطالب العسكرية والاقتصادية التركية في الإدارة الأمريكية (47) . ومن الأمثلة على ذلك ، أن المؤسسة العسكرية التركية طلبت من دافيد ليفي وزير الخارجية الإسرائيلي ، في أثناء زيارته لانقرة عام 1997م-1417هـ ، أن تستخدم إسرائيل نفوذها لدى واشنطن من أجل الإفراج عن الأسلحة التركية المحتجزة(48)  .
7-      استعادة أهميتها ومكانتها في السياسة الأمريكية :-
تمتعت تركيا قبيل فترة التسعينيات الميلادية بأهمية ومكانة مرموقة في السياسة الأمريكية في المنطقة لكونها خط الدفاع الأول أمام الخطر الشيوعي ، ولكنه في أعقاب انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991م - 1411هـ وانتهاء الحرب الباردة شعرت النخبة العسكرية التركية أن تلك الأهمية قد قلت لذلك فإنها قد رأت أن تطوير علاقاتها السياسية والعسكرية والاقتصادية مع إسرائيل سوف يعيد لها تلك الأهمية (49) . 

ب- الأهداف والمبررات الإسرائيلية :
         سعت إسرائيل إلى تحقيق عدة أهداف من وراء تعاونها العسكري مع تركيا منها:
1-      فتح أسواق جديدة للمنتجات العسكرية الإسرائيلية في تركيا.
سعت إسرائيل إلى توطيد علاقاتها العسكرية مع تركيا بهدف فتح أسواق جديدة لمنتوجاتها العسكرية والتي من شأنها أن توفر لها دخلاً ماليا مهماً في ظل توقعات بحصولها على معظم الصفقات العسكرية التركية لتحديث جيشها. وبالتالي فان بيع الأسلحة والتكنولوجيا الإسرائيلية إلى تركيا سيؤدي إلى إنعاش الاقتصاد الإسرائيلي الذي يعتمد في بعض جوانبه الرئيسة على تلك الصادرات، إضافة إلى أن هناك توقعات إسرائيلية بقيام الولايات المتحدة الأمريكية بتخفيضها للدعم المالي المقدم لإسرائيل . وعليه فتركيا ستكون عاملاً إيجابيا للاقتصاد الإسرائيلي (50) . ويتضح ذلك جلياً من خلال التصريح الذي أدلى به اسحاق مردخاي ، وزير الدفاع الإسرائيلي في أثناء زيارته لتركيا عام 1996م – 1416هـ عن تلك الصفقات العسكرية " من منظورنا فنحن نتطلع إلى منجم ذهب محتمل " (51).
الضغط على سوريا وايران:
         رأت إسرائيل في سوريا ، كما هو الحال بالنسبة لتركيا ، عدوتها الرئيسة ، لذلك سعت من خلال تعاونها العسكري مع تركيا إلى الضغط عليها عسكرياً ووضعها بين فكي الكماشة الإسرائيلية والتركية ، وبخاصة بعد أن وزعت سوريا قواتها العسكرية على تلك الجبهتين لأنهما تشكلان خطراً عليها، ولم يعد بمقدورها أن تشكل خطراً عسكرياً على إسرائيل ، أو أن تفكر على أقل تقدير بإسترجاع الجولان في ظل هذه الأوضاع (52) . لقد استطاعت إسرائيل أن تمارس ضغوطاً عسكرية على سوريا ، من خلال وجودها العسكري المكثف في الأراضي التركية ، الأمر الذي أتاح لها جمع المعلومات الاستخبارية عن المنشآت العسكرية والاقتصادية الحساسة في سوريا ، بحيث غدا أمنها القومي معرضاً للخطر من جراء ذلك ، إذ أن تلك المعلومات ستستغل مستقبلاً من قبل إسرائيل نفسها أو تركـيا ، في حالة نشوب حرب مع سوريا (53) .
   وسعت إسرائيل من وراء ضغطها على سوريا ، بمباركة أمريكية ، إلى إجبارها على الدخول في مفاوضات السلام العربية  الإسرائيلية وفقا للشروط الإسرائيلية والأمريكية للتسوية السلمية ، بهدف التنازل عن بعض مطالبها بشأن الجولان ووقف دعمها لحزب الله اللبناني ، الذي أقض مضاجع إسرائيل(54) . وتعتبر كل من إسرائيل وتركيا أن تحالفهما العسكري هو الرد المناسب على السعي السوري للحصول على أسلحة الدمار الشامل والأسلحة الكيماوية( 55 ).
  وفيما يتعلق بإيران ، فان إسرائيل ترى فيها قوة إقليمية قد تشكل عليها وعلى تركيا نفسها خطراً ، إضافة إلى أنها تسعى لمنافستهما إقليمياً ، وبخاصة أنها تمتلك بنية عسكرية متقدمة وأسلحة دمار شامل وأسلحة كيماوية . كما أنها دولة مصنعة للأسلحة ، وبالذات الصواريخ البالستية ، يضاف إلى ذلك أن إيران هي داعم رئيس لحزب الله اللبناني . وعليه فان إسرائيل ترى في تعاونها العسكري مع تركيا ورقة ضغط على إيران ، من خلال الأراضي التركية لتكون قاعدة عسكرية للتجسس عليها ، وإمكانية استغلالها لضرب المنشآت العسكرية الإيرانية ، وذلك لأن القواعد العسكرية التركية تتيح لإسرائيل ضرب أية أهداف عسكرية واقتصادية في إيران بسهولة ويسر لقربها من الأراضي التركية، إذ بإمكان طائرات سلاح الجو الإسرائيلي ضرب تلك الأهداف دون حاجة للتزود بالوقود في الجو (56) .
3       - الاستفادة من المميزات العسكرية والإستراتيجية إلى تتمتع بها تركيا:
         تتميز الأراضي والمياه والأجواء التركية بالاتساع والتنوع ، إضافة إلى أنها مشابهة وقريبة لمثيلاتها في إيران وسوريا والعراق بحيث يمكن أن تستغلها إسرائيل لتدريب ملاكاتها العسكرية ، نظراً لقلة توافرها لديها ، فمثلا فان الأجواء الإسرائيلية ضيقة وغير مناسبة لتدريب الطيارين الإسرائيليين في بيئات جغرافية متنوعة ، فيما تتميز الأجواء التركية باتساعها ، وتنوع التضاريس الجغرافية التي تجري فيها التجارب ، كما أن أجوائها تماثل إلى حد كبير الأجواء في إيران وسوريا والعراق ، بشكل عام كما أنها قريبة من تركيا . مما سيسهل على الطيارين الإسرائيليين ضرب أهداف عسكرية واقتصادية في تلك الدول مستقبلاً (57) .
4        - تدعيم دورها الإقليمي:
         ترى إسرائيل أن توطيد علاقاتها العسكرية مع تركيا من شأنه أن يدعم دورها الإقليمي في المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية ، إذ أن تلك العلاقة قد منحتها بطاقة دخول رسمية أخرى ، غير معاهدات السلام العربية الإسرائيلية ، إلى منطقة الشرق الأوسط واسيا الوسطى ، عبر دولة إسلامية . كما أن تعاونها مع تركيا ، سيمنحها القدرة على طرح المشاريع المشتركة بينهما لتكون وفقا لمصالحهما ورؤيتهما للموضوع ، إضافة إلى سعيها المشترك للتصدي للقوى الإقليمية الأخرى إيران، سوريا، ومصر، والتي قد تحاول أيجاد نوع من التوازن الإستراتيجي مع تركيا وإسرائيل . وتعلق الأخيرة آمالها ، من خلال توطيد علاقاتها العسكرية والاقتصادية مع تركيا ، أن تكون بوابة دخول لها إلى الدول الإسلامية في آسيا الوسطى ، حيث الموارد الاقتصادية الهامة هناك وبخاصة البترول وذلك لأن تركيا تربطها بتلك الدول ، علاقات دينية وتاريخية وقومية وجوار جغرافي(58) .
5 - الإفادة من الامكانات الاقتصادية التركية:
         توجد في تركيا إمكانات اقتصادية كبيرة تتمثل في الزراعة والمياه ، وإسرائيل بأمس الحاجة للحصول على المورد الأخير ، حيث جرت مفاوضات متعددة حول تزويد تركيا لإسرائيل بالمياه بطرق ووسائل متنوعة إضافة أن إسرائيل تأمل بان تصدر خبراتها الاقتصادية ، وبخاصة الزراعية إلى تركيا حتى تجلب لها الفوائد المالية هذا بجانب السعي لتطوير التبادل التجاري بين البلدين(59)  .

جـ  الأهداف والمبررات الأمريكية:
        قامت السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط ، مع بروز النظام العالمي الجديد ، على ثلاثة مبادئ الأول سياسة الاحتواء المزدوج لإيران والعراق ، والثاني عملية السلام العربية  الإسرائيلية ، والثالث إنشاء التحالف الإسرائيلي  التركي(60)   .
         وفيما يتعلق في المبدأ الأخير، فان الولايات المتحدة الأمريكية ، قد شجعت إقامة التحالف الإسرائيلي - التركي ، ويتضح ذلك من التصريحات الأمريكية الرسمية ، فقد أعلن متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيقولاس بيرنNicolas Burn  ، أوائل عام 1997م– 1417هـ بان الإدارة الأمريكية رحبت بهذا الحلف (61) . وبين انه " من الأهداف الاستراتجية للولايات المتحدة أن تقوم تركيا وإسرائيل بتطوير تعاونهما العسكري وعلاقاتهما السياسية ، وإذا لم يعجب ذلك بعض الدول العربية ، فان ذلك يعود للحلف " (62) . وعندما زار مسعود يلماز ، رئيس الوزراء التركي الأسبق ، واشنطن في أعقاب تشكيله للحكومة التي خلفت حكومة أربكان في شهر تموز 1997م – صفر 1418هـ، التقى بالرئيس الأمريكي بيل كلينتون ، الذي استقبله اسقبالاً حاراً ، وأكد له أهمية تركيا كحليف يعتمد عليه (63) مع العلم بان إسرائيل حليفة طبيعية للولايات المتحدة ، وبالتالي فان الدول الثلاث متحالفه مع بعضها البعض . ولقد أكد متحدث آخر باسم وزارة الخارجية الأمريكية جيمس فولي  James Foloy في شهر كانون الأول 1997 م – شعبان 1418هـ . أن الولايات المتحدة الأمريكية ترحب بالحلف التركي الإسرائيلي وتدعمه لانه يمثل السياسية الأمريكية في الشرق الأوسط (64) .
         ولعل من الأدلة الدامغة على الموقف الأمريكي من الحلف هو سماح الإدارة الأمريكية ببيع أسلحة أمريكية ذات فنية متطورة إلى تركيا ، ودورها ومشاركتها الفاعلة في المناورة البحرية التي جرت أوائل شهر كانون الثاني 1998م – رمضان 1418هـ  (65) .
وتتمثل الأهداف الأمريكية في سعيها لإقامة الحلف الإسرائيلي  التركي في تنفيذ مبادئها السياسية العامة في منطقة الشرق الأوسط واسيا الوسطى . وبخاصة تنفيذ سياسة الإحتواء المزدوج لإيران والعراق ، واستمرار عملية السلام العربية الإسرائيلية ، وضمان المصالح الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة وتوفير الأمن والإستقرار والتصدي للحركات " الإرهابية " من وجهة نظرها(66) ويستخلص مما سبق ، أن ثمة مصالح إسرائيلية وتركية وأمريكية في إقامة علاقات عسكرية وتحالفيه ما بين إسرائيل وتركيا ، لأن من شأن تلك العلاقة تأكيد دورهما الإقليمي وسعيهما لطرح مشاريع عسكرية وأمنية واقتصادية في الشرق الأوسط ، وفقا لمصالحهما، والمصالح الأمريكية . وفي المقابل أضعاف النفوذ العربي والإسلامي في المنطقة .

ثالثاً- مجالات التعاون العسكري:
         اشتمل التعاون العسكري الإسرائيلي - التركي خلال الفترة بـــين عامي 1993- 1998م /  1413-1418هـ على مجالات عسكرية متعددة برية وبحرية وجوية ، بحيث تضمن ذلك قيام إسرائيل بتزويد تركيا بمختلف أنواع الأسلحة، وتحديثها لأسلحة الجيش التركي ، وإنشاء مشاريع عسكرية مشتركة، وتدريبات ومناورات مشتركة، وإقامة حوار استراتيجي بين البلدين ، إضافة إلى التعاون الأمني والاستخباري بينهما.
أ‌-     بيع الأسلحة الإسرائيلية إلى تركيا:
         تنوعت مبيعات الأسلحة الإسرائيلية إلى تركيا ، فمنها الأسلحة الخفيفة والثقيلة ، والأسلحة التي تضم قطاعات الجيش التركي البرية والجوية والبحرية . ففي مجال الأسلحة الخفيفة فان إسرائيل زودت تركيا ببنادق من نوع " جليل " Galil (67) ، ورشاش " عوزي "  Ozi، إضافة إلى الأسلحة الثقيلة ، كمدافع الهاون ، ومختلف أنواع العتاد والقذائف (68) .
         وفي المجال الجوي، ركزت تركيا على تزويد سلاحها الجوي بشتى أنواع الأسلحة الإسرائيلية ،  وبصفة خاصة طائرات إسرائيلية رادارية بلا طيار لمهمات الاستطلاع وجمع المعلومات العسكري (69) . وفي عام 1997م - 1417هـ عرضت تركيا مناقصة لتزويد قواتها الجوية بـ  145 طائرة هيلوكوبتر هجومية متقدمة تقدر قيمتها بنحو 4 مليار دولار أمريكي ، لتكون بذلك أعلى صفقة طائرات هيلوكوبتر في العالم . ولهذا الغرض كونت إسرائيل وروسيا شركة مشتركة بهدف الحصول على الصفقة ، علماً بان التوقعات في هذا المجال تشير بان الشركة الإسرائيلية –الروسية ستفوز ، في ظل غياب الشركات الأمريكية ، إضافة إلى التطور الكبير في العلاقات الاقتصادية والعسكرية بين إسرائيل وتركيا (70) . كما عرضت إسرائيل على تركيا أن تبيعها طائرات إسرائيلية تستخدم للإنذار المبكر من طراز اواكس (71)  . لكنه لم يبت في هذا الأمر حتى عام 1998م – 1418هـ .
         وزودت إسرائيل تركيا بصواريخ من نوع بوباي 2Popey –جو  أرض ، والذي يصل مداه إلى  70 كم ، ويستخدم في تسليح الطائرات الأمريكية من طراز F 16  بلغ عددها عام 1997م- 1417هـ ،  40صاروخا ، وعام 1998 م- 1418هـ ، 60 صاروخاً . كما باعت إسرائيل لتركيا صواريــخ جو- جو من طرازبايثون Python –4 الذي يتميز بفاعلية جيدة، ومخصص لضرب الطائرات في حالة حدوث تلاحم جوي على مسافات قريبة (72) . وزودت إسرائيل تركيا بصواريخ وقذائف  ذكية موجهة بالليزر وتسمى بـ Harc-Nap ، وقنابل من طراز تال (73) .
         وقدرت المصادر الإسرائيلية حجم مبيعات الصواريخ الإسرائيلية إلى تركيا بين عامي 1996-1998م/1416- 1418هـ بنحو 400 مليون دولار أمريكي (74) .
         وتجدد الإشارة إلى أن عملية بيع إسرائيل لمثل تلك الأنواع من الأسلحة يتطلب موافقة أمريكية على ذلك . وتشير الدلائل في هذه الصدد أن تلك المبيعات من الأسلحة تتم بناء على موافقة أمريكية تامة وتحظى بدعمها   (75)  .
         وأبدت تركيا اهتمامها بالحصول على أنظمة صواريخ مضادة للصواريخ البالتسية (76) ، وبخاصة أن سوريا وإيران تمتلكان مثل تلك الصواريخ، إذا ابرمت في شهر اذار 1998م- ذو القعدة 1418هـ مذكرة للتفاهم العسكري بينهما ، تضمنت حاجة تركيا من الأسلحة، حيث ورد في أحد بنودها أن تقوم إسرائيل بنصب منظومة صواريخ مضادة للصواريخ البالستية  في تركيا (77) .كما وقع الطرفان على اتفاق يقضي بنصب الصاروخ الإسرائيلي آرو  حيتس Arrow في تركيا ، حال الانتهاء من أجراء التجارب عليه ، ودخوله الخدمة الفعلية (78) .ومما يؤكد ذلك بعض الشئ ان دافيد عفري ، مستشار وزير الدفاع الإسرائيلي ، قد اعلن في اجتماع  خصص لبحث الجوانب العسكرية والإستراتيجية في الشرق الأوسط ، عقد في لندن خلال شهر تشرين الأول 1998م–جمادى الثانية 1419هـ ،أن إسرائيل ستكون مستعدة لنشر صواريخ آرو  حيتس في تركيا إذا ما دعت الضرورة لذلك (79) .
         وفي المجال البري، فان إسرائيل مهتمة بتطوير سلاح المدرعات التركي ، إذا أنها اقترحت على الأخيرة شراء الدبابات الإسرائيلية المتطورة من نوع ميركفاه Merkvah ، لتكون الدبابة الرئيسة في سلاح المدرعات التركي . وتقتضي الخطة التركية شراء نحو 1,000 دبابة في المرحلة الأولى (80)   . وتقدر تكاليف تطوير سلاح الدروع التركي بنحو 5 مليار دولار أمريكي (81) .
         وفيما يتعلق بالقوات البحرية ، فهناك مشروع لتزويد الأسطول التركي بأنظمة إسرائيلية للدفاع الجوي المضادة للطائرات ، والصواريخ من نوع باراك Barak ، ومن المحتمل أن يكون هذا المشروع من أهم مشاريع التعاون العسكري بين البلدين ، إذ سيعنى اعتماد تركيا على الصاروخ المذكور ، ليكون نظام الدفاع الجوي الرئيس للبحرية التركية ، مما سيترتب على ذلك عقد صفقات أسلحة لصالح إسرائيل ، قد تزيد قيمتها على مليار دولار (82) .
         وأولت تركيا عناية خاصة للحصول على أسلحة أمنية خاصة من إسرائيل لمنع تسلل أفراد حزب العمال الكردستاني عبر حدودها مع العراق وسوريا وإيران   (83) .  ففي أثناء زيارة إسماعيل كردائي إلى إسرائيل في الفترة بين 24-28 شباط 1997م/17- 21 شوال 1417هـ ،عرضت عليه قائمة بالأسلحة الإسرائيلية التي قد يحتاج إليها الجيش التركي  ، وابدي اهتماماً بالحصول على أسلحة أمنية لحماية الحدود التركية مع الدول المجاورة (84) .وقد أثمرت تلك الزيارة ، إضافة إلى جهود سابقة، في هذا المجال ، عن قيام إسرائيل بتزويد تركيا بأسلحة إلكترونية وأنظمة رادارات تستطيع تحديد الألغام البلاستيكية والعادية، واسيجة رادارية، واجهزة اتصالات متطورة (85)  .
ب - تحديث إسرائيل للجيش التركي:
         تبنت المؤسسة العسكرية والسياسية في تركيا خططا متعددة المستويات والمراحل لتحديث وتطوير قواتها المسلحة، والتي تتمثل في إدخال تحسينات على الأسلحة المستخدمة فيها، وتزويدها بأجهزة فنية متقدمة، لتصبح قادرة على الأداء بشكل مناسب . وقد خصص لهذا المجال مبلغ 10 مليارات دولار أمريكي لتحديث مختلف الأفرع  البرية والبحرية والجوية خلال الفترة بين عامين 1995-2005م / 1415-1426هـ (86) .
         ففي مجال القوات الجوية ،أدرك الأتراك ضرورة تحديث أسطولهم الجوي لمجاراة التطورات العسكرية الجوية التي تجري على المستويين الإقليمي والدولي ،إذ ركزت جهودها على تحديث الطائرات الأمريكية التي تمتلكها وبخاصة طائرات أف– 16 ،التي تعتبر العمود الفقري لسلاحها الجوي ، وطائرات الفانتوم phantom-F.4 (87) .
         لقد بدأت الجهود الإسرائيلية لتحديث سلاح الجو التركي في أعقاب التوقيع على اتفاقية المبادئ بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية في عام 1993م – 1413هـ ، التي أفسحت لها المجال لتطوير علاقاتها العسكرية مع تركيا . ففي أثناء الزيارة التي قام بها قائد سلاح الجو الإسرائيلي هرتزل بودينغير إلى تركيا ، تباحث مع قادة الجيش التركي في مواضع متعددة كان أهمها البحث في مساهمة إسرائيل في تحديث سلاح الجو التركي (88) . وفي نهاية عام 1993م-1413هـ  صرح المدير للصناعات الجوية في إسرائيل ، عن خطة تعدها المؤسسة العسكرية التركية للتعاون مع إسرائيل ، تتمثل في إنتاج أجزاء من الطائرات التركية أف –16  وتحديث طائرات أف- 5 التابعة لأسطولها الجوي (89) . ومنذ عام 1994م– 1414هـ أخذت الصناعات العسكرية الإسرائيلية بدخول المنافسة للحصول على مناقصات لتحديث وتطوير الجيش التركي (90).  وقد جرت مفاوضات تركية إسرائيلية لتحديث سلاح الجو التركي بين عامي 1993-1995م /1413 – 1415هـ  واستندت إسرائيل في مقترحاتها في ذلك المجال على ما أدخلته من تحسينات على سلاحها الجوي، حيث طورت طائرات الفانتوم إلى نوع جديد متطور أطلق عليها اسم كورنيس2000 (91) .
         لقد استطاعت إسرائيل أن تحصل على أول صفقة لتحديث الطائرات التركية من نوع سوبركوبرا وذلك أوائل عام 1995م– 1415هـ ، إذ زودت تلك الطائرات بشبكة رؤيا ليلية . وبلغت قيمة الصفقة 120 مليون دولار أمريكي (92). ثم تعاقبت تلك الصفقات ، إذ حصلت إسرائيل على عقد في ذلك العام لتحديث طائرات الفانتوم التركية ، بتزويدها بأجهزة لمراقبة الحرارة في محركاتها (93) . ومع تطور العلاقات الإسرائيلية التركية في شتى المجالات ، وبخاصة العسكرية منها ، نجحت إسرائيل في إقناع قادة الجيش التركي بقدراتها وإمكانياتها الفنية لتحديث الطائرات التركية من نوع فانتوم أف – 4 . وتم التوقيع على اتفاقية بين إسرائيل وتركيا في26 آب 1996م–12 ربيع الثاني 1417هـ (94) ،نصت على أن تقوم الصناعات الجوية الإسرائيلية بتحديث 54 طائرة من ذلك النوع بقيمة 650 مليون دولار ، لتصل مع الفوائد إلى 800 مليون دولار ومدة العقد تترواح ما بين 6-8 سنوات . وسوف يتم تحديث تلك الطائرات من خلال تزويدها بأجهزة رادارات وأجهزة ملاحية ، وأنظمة رؤيا ليليه ، وأجهزة حربية إلكترونية(95) .ومن شأن تلك التحسينات أن تطيل عمرها القتالي إلى ما بين 15-20 عاماً أخرى . وستجعلها تمتلك قوة ضاربة محسنة ، وقدرة على المناورة ، والقتال في الليل ، ورؤية إلكترونية أفضل (96) .
         ومما هو جديد بالذكر أن نجم الدين اربكان ، رئيس الوزراء التركي ، هو الذي وقع على الاتفاقية العسكرية مع إسرائيل لتحديث طائرات الفانتوم – 4 ، وقد اخذ يبرر ذلك بأنها صفقة تجارية (97) .علماً بأنه قد تم تمويل تلك الصفقة من قبل البنوك الإسرائلية بضمانه من الحكومة الإسرائيلية ، ولعل الهدف من وراء ذلك تشجيع تركيا وتحفيزها لعقد الصفقة مع إسرائيل (98) .
         وفيما يتعلق بالطائرات التركية من طراز أف- 5 ، فقد اوضح وزير الدفاع التركي الأسبق طرخان طيان، الذي زار إسرائيل في2/5/1997م - 25/12/1417هـ ،ان شركات الصناعات العسكرية الإسرائيلية ستشارك في المناقصة لتحديث 48 طائرة من ذلك النوع (99) . وقد تقدمت الشركات الإسرائيلية بعروضها للحصول على المناقصة ، ونجحت في ذلك ،بعد منافسة مع شركات فرنسية (100) وكان للزيارة التي قام بها وزير الدفاع الإسرائيلي اسحاق مردخاي إلى تركيا في شهر كانون الأول 1997م – شعبان 1418هـ، أثرها في الحصول على المناقصة (101)  . وتضمن العقد ، الذي حصلت عليه الصناعات الجوية الإسرائيلية ، على تزويد 48 طائرة تركية من نوع أف- 5 برادارات متطورة، وأجهزة إلكترونية ، وأنظمة رؤيا ليليه ، وتحسين مهماتها القتالية ، مقابل 75 مليون دولار أمريكي (102)  .
         وفي المجال البري، سعت إسرائيل للحصول علـى عقد لتحــديث سـلاح الدبابات من نوع باتون - pattons-M6oA3 ، إضافة إلى M-47-48 ، والتي يقدر تعدادها بنحو 4000 دبابة (103) . وقـد تم الإعـلان عـام 1997م / 1417هـ ، انه تم الاتفاق بين الدولتين ، تقـوم بمقتــضاه اسرائيل بتحــديث نحو 300 دبابة من نوع 1م-60 (104) ، بهدف إطالة عمرها القتالي الافتراضي . وتتمثل عملية التحديث ، تزويد تلك الدبابات بمدافع من عيار 120 ملم ، وأجهزة كومبيوتر لادارة النيران ومراقبة القذائف المطلقة والأهداف، والرؤية الليلية ، وبنظام متطور للتدريع، بغية زيادة فاعليتها (105)  .
ج-التصنيع العسكري المشترك:
         وامتد التعاون العسكري الإسرائيلي - التركي إلى مجال آخر هام يتمثل في إنشاء صناعات عسكرية مشتركة، تبدأ من أجراء البحوث ، ومشاريع التطوير الى إنتاج الأسلحة الحديثة (106)مع التركيز على الصناعات الهامة، وبخاصة الصواريخ، والطائرات، والدبابات (107) .
         ففي الـمجال الصاروخي ، فقد جرت مـداولات ومناقشات إسرائيلية- تركية في شهر آب1996م– ربيع الأول 1417هـ ، حول تصنيـع صواريخ بوباي- 2(108) ، وهو صاروخ جو  أرض ،يتمتع بقدرة حسنة على ضرب اهدافة (109). فأثمرت تلك المحادثات عن التوقيع على اتفاقية للتصنيع المشترك لذلك الصاروخ في شهر أيار  1997م– ذو الحجة 1417هـ ، في أثناء المحادثات المشتركة ما بين وزير الدفاع الإسرائيلي إسحاق مردخاي ونظيرة التركي طرخان طيان(110) . ومن بنود تلك الاتفاقية صناعة بضعة مئات منه بتكلفة مقدارها 500 مليون دولار أمريكي ، على أن ينفذ من قبل شركات للصناعات العسكرية في الدولتين . وتم الاتفاق على أن تسلم أول دفعة من تلك الصواريخ لتركيا في بداية عام 2000 م-1420هـ  ( 111 ) .
         وفي مجال الصواريخ طويلة المدى ، فقد بحثت إسرائيل وتركيا مشروع إنشاء مصنع مشترك لانتاج الصواريخ الإسرائيلية دليله DeLiLah  ، بعيدة المدى، والتي تصل إلى مابين 400-500 كم ، وهي ذات محرك نفاث وذات قدرة توجيه عالية لضرب الأهداف (112). ويظهر انه قد تم الاتفاق بينهما على التصنيع المشترك للصاروخ ، وذلك في أثناء زيارة امنون شحاق Amnon Shahak ، رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي ، إلى تركيا في شهر تشرين الأول 1997م –جمادى الاولى 1418هـ  (113) .
         وسعت تركيا لإيجاد مشروع عسكري مشترك مع إسرائيل، لانتاج صواريخ مضادة للصواريخ البالستية ، نظراً لتخوفها من امتلاك الدول المجاورة لمثل تلك الصواريخ وبخاصة إيران وسوريا واليونان ، حيث اعتبرت ذلك تهديداً لأمنها القومي  (114)  . وعليه فقد بذلت تركيا جهوداً حثيثة لإقامة مثل هذا المشروع ، ففي أثناء زيارة اسحاق مردخاي إلى تركيا عام 1997م – 1417هـ التقى مع نظيره التركي إسماعيل كردائي ، الذي نقل إليه اهتمام تركيا بإنشاء مشروع مشترك لإنتاج صاروخ آرو- حيتسالمضاد للصواريخ(115) ،والذي تقوم كل من إسرائيل والولايات المتحدة بإجراء التجارب عليه وتطويره ، وبدعم مالي من الأخيرة. وقد أشارت بعض المعلومات المتعلقة بهذا الموضوع ، أنه تم الاتفاق على الإنتاج المشترك للصاروخ (116) .
         وفي مــجال التصنيع العسكري الـبري المشترك ، فقد أبدت تركيا اهتمامها بتطوير قواتها المدرعة وبـخاصة الـدبابات ، من خلال إقامة مشروع مشترك مع إسرائيل لتصنيع دبابة ميركفاه . وأجرى الجانبان محادثات بهذا الشأن (117). وقد صرح صدقي اورون ، وهو جنرال تركي يعمل مستشاراً لوزارة الدفاع التركية ، بأن تركيا  مهتمة بشكل رئيس بالدبابات الإسرائيلية من طراز ميركفاه كشريك محتمل لبرنامجها المتعلق بإنتاج 800 دبابة ، في صفقة تقدر بحوالي 3.2 مليار دولار أمريكي (118) . ويبدو أن التعاون الإسرائيلي - التركي المشترك بإنتاج دبابة الميركفاه قد بدأ فيه عام 1997م - 1417هـ . ويعد ذلك من أهم مجالات التعاون العسكري بين البلدين(119) .
         أما في مجال الطيران ، فقد تم في شهر آب 1996م- ربيع الاول 1417هـ إقامة مشروع مشترك إسرائيلي  تركي لتصنــيع طائرات تدريب دون طيار وأخرى بطيار، لأغراض تجسسية واستخبارية (120) . وتوصلت الدولتان في 22/8/1997م –18/4/1418هـ  ، إلى تصنيع أول طائرة دون طيار بزنة 1935 كغم ، ولديها قدرة على التحليق في الأجواء لمدة 8 ساعات، وعلى ارتفاع 20 ألف قدم . وبقدرة هذه الطائرة أن تحمل معدات إلكترونية للرصد والقتال (121).
         وتجدر الإشارة إلى أن عملية تعاون إسرائيل مع تركيا ، لإقامة مشاريع مشتركة للصناعات العسكرية المختلفة يخضع للموافقة الأمريكية ، وذلك لأن إسرائيل والأخيرة قد اتفقتا في إطار التعاون الاستراتيجي بينهما ، على أن لا تزود إسرائيل دولة أخرى بالتكنولوجيا العسكرية الأمريكية ( 122 ) . ويبدو أن الإدارة الأمريكية تشجع مثل ذلك التعاون ، ولكن ضمن قيود معينة لا يمكن تجاوزها ، بحيث تتأكد من أن تلك التكنولوجيا العسكرية لا يمكن أن تتسرب عبر تركيا إلى دول أخرى . كما أن الإدارة الأمريكية لن تعامل تركيا كمعاملة إسرائيل ، بالتالي فإنها قد لا تسمح بنقل تكنولوجية معينة ، كالنووية إلى تركيا(123) . وذلك لأن هناك بعض المخاوف الأمريكية والغربية وحتى الإسرائيلية من عودة الإسلام إلى حكم تلك الدولة .
د- التدريبات والمناورات العسكرية المشتركة :
         أجرت إسرائيل وتركيا تدريبات ومناورات جوية وبحرية يمكن إجمالها على الشكل التالي :
1-المناورات والتدريبات الجوية :
         بدأ التعاون الإسرائيلي  التركي في المجال الجوي ،قبل التوقيع على الاتفاقية العسكرية والأمنية في شباط 1996م- 1416هـ ، بعامين ، ففي أثناء زيارة دافيد عفري إلى تركيا في نفس الشهر من عام 1994م- 1414هـ ، أتفق مع المؤسسة العسكرية التركية على أجراء تدريبات جوية مشتركة ( 124)، وقد تم تنفيذها في شهر أيار1994م- ذو الحجة 1414هـ . وكانت الأولى من نوعها ، ونفذت في الأجواء التركية ، وجرى خلالها تزويد الطائرات التركية المشاركة بالوقود من الجو ، قامت بها طائرة تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي . وقد تم إبراز المناورة على أنها تهدف إلى تشجيع مبيعات الأسلحة الإسرائيلية إلى تركيا ، واعتبرت " انطلاقة في الصلات الأمنية الإسرائيلية  التركية في الشرق الأوسط " ( 125 ) .
         ونصت الاتفاقية العسكرية والأمنية الإسرائيلية – التركية في بعض بنودها على تبادل الخبرات العسكرية  في المجال الجوي ، وتبادل الزيارات ، وإجراء المناورات الجوية المشتركة بين البلدين (126) ، بمعدل ثمانية تدريبات مشتركة سنوياً ، على أن تعقد أربعة منها في إسرائيل ، والأربعة الأخرى في تركيا ( 127 ) . وعلى أثر التوقيع على تلك الاتفاقية بدأ التعاون في المجال التدريبي المنظم بينهما . ففي 15/4/1996م-27/11/1416هـ ، جرت تدريبات جوية مشتركة ، شاركت فيها 8 طائرات إسرائيلية من نوع أف  16 كانت قد حطت في مطار اكناسي Akinci  قرب أنقرة . واستمرت تلك التـدريبات لمدة أربعة أسابيع (128) . وفي المقابل قامت 12 طائرة تركية في شهر حزيران1996م – محرم 1417هـ  ، بإجراء تدريبات مشتركة مع طائرات سلاح الجو الإسرائيلي ، فوق الأجواء الإسرائيلية (129) . وفي شهر تشرين الأول 1996م –جمادى الثانية 1417هـ  استضافت إسرائيل طاقم من سلاح الجو التركي بطائراتهم ومعداتهم ، في القاعدة الجوية الإسرائيلية نباطيم Nabtem  في النقب  ،وقاموا بإجراء سلسلة من التدريبات الجوية مع طائرات من سلاح الجو الإسرائيلي (130) .
         وفي أثناء زيارة قائد سلاح الجو الإسرائيلي ايتان بن الياهو إلى تركيا أواخر شهر تشرين الأول 1996م–جمادى الثانية 1417هـ  ، اجتمع مع قادة الجيش التركي وناقش معهم قضايا التعاون العسكري الجوي ين البلدين . وقد تزامن ذلك مع قيام طائرات إسرائيلية بطلعات تدريبية في الأجواء التركية(131). وقد وصف بن الياهو التعاون التركي  الإسرائيلي في ذلك المجال بأنه " يجري بنجاح منذ أكثر من سنة " ، وفي شتى المجالات العسكرية التدربيبة (132) وأشارت بعض التقارير العسكرية المتخصصة إلى أن التعاون الإسرائيلي  التركي في مجال التدريبات الجوية لعام 1997م – 1417هـ ، وحده ، قد مكن الطائرات الإسرائيلية من القيام بـ 120 طلعة جوية فوق الأجواء التركية، وكذلك الأمر بالنسبة للطائرات التركية التي قامت بنفس العدد من الطلعات الجوية في الأجواء الإسرائيلية(133) وفي العام 1998م –1418هـ  ، استمر التعاون التدريبي الجوي على نفس الوتيرة السابقة ، وأن أتخذ أبعاداً ومجالات جديدة ، منها على سبيل المثال لا الحصر ، قامت طائرات تركية في 19/4/1998م –22/12/1418هـ ، بالتدريب في المطارات الإسرائيلية ، ولكن هذه المرة بدون مشاركة الطائرات الإسرائيلية ( 134 ) . كما قامت ست طائرات تركية من طراز أف  16 بالتوجه إلى إسرائيل بهدف تدريب الطيارين الأتراك على عمليات الهجوم على أهداف وهمية لبطاريات الصواريخ ، بعد أن شاركت في مناورات وتدريبات جرت في قاعدة سدما في النقب (135) .

         وثمة فوائد جنتها كل من إسرائيل وتركيا من وراء إجراء التدريبات والمناورات الجوية المشتركة ، فبالنسبة للأتراك فقد استفادوا من الخبرة الإسرائيلية في هذا المجال ، إذ تم تدريبهم على القيام بطلعات جوية بهدف ضرب أهداف عسكرية محددة ، والتدريب على التجهيزات الإلكترونية الإسرائيلية المتطورة (136) . وفيما يتعلق بالجانب الإسرائيلي ، فقد أتاحت تلك المناورات المجال أمام الطيارين الإسرائيليين ، استخدام مناطق وحقول تدريبية مختلفة ، وواسعة لم تكن متاحة لهم في إسرائيل ( 137 ) . ومنحتهم فرصة التدريب على أهداف مستقبلية ، كمهمات محتملة ضد إيران ، وسوريا لتشابه أجوائهما مع الأجواء التركية ( 138 ) .
2       - المناورات والتدريبات البحرية : لقد تم التأكيد  عليها في الاتفاقية العسكرية والأمنية الموقعة بين إسرائيل وتركيا، ومهد لها من خلال أجراء المناقشات حولها، ففي أثناء الزيارة التي قام بها وزير الدفاع الإسرائيلي اسحاق مردخاي إلى تركيا أواخر شهر آذار 1997م –ذو القعدة 1417هـ ، اجرى محادثات مع رئيس هيئة الأركان التركي حول أجراء مناورات بحرية مشتركة، والذي أبدى موافقته على ذلك . وتم الاتفاق بينهما على أن يقوم الوزير الإسرائيلي بطرح الفكرة على وزير الدفاع الأمريكي وليم كوهين  William Cohenالذي رحب بها وشجعها (139). وبعد الزيارة التي قام بها وزير الدفاع التركي طرخان طيان إلى إسرائيل أوائل شهر نيسان 1997م –ذو الحجة 1417هـ ،تمت بلورة الفكرة السابقـة (140)  ، وبعد زيارة طيـان تـلك ، بدأ نائب رئيس هيئة الأركان التركي ، سيفيل باير باجراء محادثات مع دافيد عفري، تركزت  بالدرجة الأولى على الإجراءات التي اتخذت بشأن المناورات البحرية(141) . كما اجرى اسحاق مردخاي محادثات مع الإدارة الأمريكية بشأن المناورات البحرية والدور الأمريكي فيها ،وذلك أوائل عام 1997م - 1417هـ(142) .
         وبهدف توطيد العلاقات العسكرية البحرية بين البلدين قامت خمس سفن تركية وعلى متنها نحو ألف ملاح من القوات البحرية ، إضافة إلى ثلاث فرقاطات، وغواصة، وسفن إمداد، بزيارة مينــاء حيفــا في 17/6/1997م    -11/2/1418هـ (143). وكان من المفترض أن تجرى المناورة البحرية المشتركة الإسرائيلية  التركية- الأمريكية في شهر أيلول 1997م-جمادى الاولى 1418هـ  لكنه تم تأجيلها إلى بداية عام 1998م –1418هـ  . ويبدو أن ذلك يعود إلى صعود حزب الرفاة بقيادة نجم الدين اربكان، إلى الحكم ، والذي أعلن بعد تسلمه منصبه انه سيؤجل المناورة البحرية المشتركة لتركيا مع إسرائيل والولايات المتحدة . وعلى الرغم انه لم يكن يمتلك القدرة على فعل ذلك ، إلا انه اعتبر نوعاً من الضغط الداخلي على المؤسسة العسكرية لتأجيلها(144) . يضاف إلى ذلك ردود الفعل العربية والإسلامية السلبية ازاء التعاون التركي- الإسرائيلي في المجال العسكري ، هذا إلى جانب أن بعض الدول العربية قد رفضت المشاركة في المناورة، وهي عوامل بمجملها قد أسهمت في تأجيلها (145) .
         لقد أثمرت الجهود الأمريكية والإسرائيلية والتركية عن اجراء مناورة بحرية مشتركة شاركت فيها القوات العسكرية البحرية في تلك الدول إضافة إلى الأردن بصفة مراقب بعضو واحد، وذلــك في 7 كانون الثاني 1998م–9/رمضان 1418هـ ، وعلـى المياه الشرقية للبحر الأبيض المتوسط، والممتدة من حيفا إلى قبرص ، واطلق عليها اسم ((حورية البحر)) (146) . وشاركت في المناورة خمس سفن ، اثنتان من السفن الصاروخية الإسرائيلية من طراز صاعر- 5 ، واثنتان من تركيا من طراز يازول وزعفر ، ويبلغ وزن الواحدة منها 6 آلاف طن، وسفينة من الولايات المتحدة الأمريكية  إضافة إلى حوامات بحرية من تلك الدول ، وقد استغرقت المناورة مدة عشر ساعات (147) . وكان الهدف المعلن هو التدرب على عمليات والإنقاذ والبحث عن ثلاث سفن تطلب الإغاثة في البحر ، إلا أن هناك أهدافا  أخرى غير معلنة سعت لتحقيقها من أهمها : أنها كانت بمثابة  دعم أمريكي للتحالف الإسرائيلي  التركي ، ومن شأنها أن تؤدي إلى تنسيق الجهود والتعاون العسكري بين تلك الدول ، كما امكنها التعرف على المشاكل والمصاعب التي تواجهة العمل العسكري المشترك بينهم (148) . واعتبرت المناورة خطوة أولية لأجراء المزيد من التدريبات المشتركة ، حيث سعت تلك الدول بين عامي 1998-1999م  / 1418-1419هـ  لإجراء مناورات بحرية أخرى ، وفقا للمعايير التي تمت فيها مناورة " حورية البحرية " مع السعي لضم دول أخرى إليها كالأردن ومصر (149) .
هـ- الحوار الإستراتيجي:
         عندما بدأت العلاقات السياسية والاقتصادية تتطور ، بين إسرائيل وتركيا ، شكلت لجنة مشتركة بينهما في شهر تشرين الثاني 1993م –جمادى الثانية 1414هـ أطلق عليها اسم " لجنة التعاون الاستراتيجي " وعقدت اجتماعها الأول فيشباط 1994م / جمادى الاولى 1414هـ (150) وفي شهر تشرين أول 1995م / جمادى الاولى 1416هـ  وقعت ثلاث اتفاقيات للتعاون العسكري وتضمنت مجالات التعاون العسكري والأمني بينهما ، وكان من بين تلك المجالات انشاء ما يسمى بـ " مجموعة عمل التقويم الاستراتيجي Group Strategic Assessment Working  بهدف تنسيق التعاون الاستراتيجي والاستخباري والمساعدات الإسرائيلية لتنظيم وتدريب الجيش التركي (151) .
         ويبدو أن صيغ التعاون الاستراتيجي بين إسرائيل وتركيا كانت في تطور، ففي أعقاب التوقيع على الاتفاقية العسكرية والأمنية في شباط 1996م – رمضان 1416هـ ، تمت بلورة التعاون الاستراتيجي بين البلدين في إنشاء منتدى للحوار الاستراتيجي بينهما ، وهو في واقع الأمر انبثق من مجموعة عمل التقويم الاستراتيجي ، وتطويراً لها . ويهدف المنتدى إلى التعاون في مجال التخطيط الاستراتيجي ، وتقديرات الوضع في المنطقة ، والمخاطر المحتملة من الدول المعادية لهما ( سوريا، وإيران..) ، وإيجاد الآلية المناسبة للتصدي لتلك الأخطار ، وصياغة الخطط القتالية المشتركة إن لزم الأمر (152) . ناهيك عن المواضيع الإستراتيجية والعسكرية التي تهمهما ، مثل شراء الأسلحة ، والإنتاج المشترك للأسلحة ، والتدريبات المشتركة ، والتعاون الاستخباري والأمني بينهما(153). ويجتمع المنتدى الأمني للحوار الإستراتيجي ، مرة واحدة كل ستة أشهر على مستوى عال يتمثل في قادة الجيش ورؤساء هيئة الأركان ووزراء الدفاع . اما على مستوى مجموعات العمل فتعقد اجتماعات دورية تعقد على اقل تقدير مرة كل ثلاثة اشهر (154) .
         ولتبيان طبيعة الحوارات الإستراتيجية التي كانت تجري بين إسرائيل وتركيا بين عامي 1995-1998م /1415-1418هـ تذكر أمثلة على اللقاءات بين الطرفين في هذا الصدد ، ففي الزيارة التي قام بها دافيد عفري ، إلى تركيا 18 أيلول 1995م – 23 ربيع الثاني 1416هـ  بحث مع القادة الأتراك " المشاريع الأمنية المشتركة وتقديرات الوضع في المنطقة "(155) . وفي بداية أيار 1997م - ذو الحجة 1417هـ  قام سيفيل باير،  نائب رئيس هيئة الأركان التركي ، بزيارة إسرائيل ، لأجراء محادثات استراتيجية مع الجانب الإسرائيلي ، ومن جملة المواضيع التي بحثها معهم ، أجراء المناورات البحرية المشتركة (156) . وبهدف أجراء الحوار الإستراتيجي النصف سنوي بين إسرائيل وتركيا ، قام وفد إسرائيلي برئاسة دافيد عفري ، بزيارة تركيا في 22/12/1997م - 22/8/1418هـ حيث التقى مع الجانب التركي الذي ترأسه سيفيل باير في مقر وزارة الدفاع التركية في انقرة ، واستغرق الحوار عدة ايام ، نوقشت فيه المواضيع الإستراتيجية والأمنية المشتركة ، وبحثا موضوع إنشاء صناعات عسكرية مشتركة ، وانتاج ايران لصواريخ بعيدة المدى ، واعتبر ذلك من وجهه نظرهما تهديداً موجها لهما (157) .
           ولعل من المؤشرات الهامه على قوة العلاقات الاستراتيجية بين اسرائيل وتركيا ، تواجد مجموعات عسكرية اسرائيلية تمثل مختلف فروع الجيش ، مثل شعبة العمليات وقادة الميدان وسلاح الجو ، وسلاح البحرية ، وتتألف من12 ضابطا من رتبة عقيد وعميد على الاراضي التركية ، بهدف تنسيق التعاون الاستراتيجي بين البلدين (158)   .
و - التعاون الإسرائيلي - التركي في مجالات عسكرية أخرى:
         لم تقتصر مجالات التعاون العسكرية بين اسرائيل وتركيا على ما ذكر سابقا ، بل امتدت إلى مجالات عسكرية أخرى هامة وخطيرة في نفس الوقت ، ويتمثل ذلك بشكل واضح في التعاون النووي بين البلدين ، إذا ان المؤسسة العسكرية التركية سعت في تخطيطها المستقبلي حتى عام 2020 م -1441هـ  الى ان تصبح قوة نووية في ذلك العام ،  من خلال تعاونها الاستراتيجي والعسكري مع اسرائيل ، وهذا الأمر أكده التقرير الذي اعدة مركز التقويم الاستراتيجي الامريكي الذي يعرف اختصارا بـ   Saic (159). ومما يدعم ذلك ، انه ثمة مؤشرات على بداية التعاون الاسرائيلي مع تركيا في المجال النووي إذ ان ادبيات معهد وايزمن الاسرائيلي للعلوم والتكنولوجيا ، تشير إلى ان 30 عالما من علماء الذرة في اسرائيل قد توجهوا الى تركيا بين عامي 1996-1998م/ 1416-1418هـ  لمعاونتها في ذلك المجال . كما ان هناك بعض المعلومات تشير إلى ان اسرائيل تحث تركيا على تبنى برنامج نووي من شأنه ان يكون خيارا نوويا عسكريا لتركيا في مواجهة البرنامج النووي الايراني (160) .
         كما سعت تركيا إلى توثيق علاقاتها مع إسرائيل في مجال الفضاء ، وذلك ضمن اطار التعاون الأمني والاستراتيجي بينهما ، حيث توصلتا إلى اتفاق بهذا الشأن في اثناء زيارة اسحاق مردخاي وزير الدفاع الاسرائيلي ، الى تركيا في شهر كانون الأول 1997م -شعبان 1418هـ (161) ومن بين مجالات التعاون الفضائي ، التنسيق والتعاون في مجال الأبحاث الفضائية ، وإقامة مشاريع مشتركة بهذا الشأن ، مع التركيز على مشاريع الفضاء ذات الأهداف العسكرية (162) . وقد ابدى الاتراك اهتمامهم بالفنية الإسرائيلية المتقدمة في مجال التجسس الفضائي وبخاصة بالقمر الاسرائيلي Ofek ، الذي ارسل للفضاء لاغراض عسكرية عام 1997م–1417هـ(163)  .
         واشتمل التعاون العسكري الاسرائيلي – التركي ، على المشاركة في المعارض العسكرية التي تقام في احدى الدولتين ، ومن أمثلة ذلك ، مشاركة 13 شركة اسرائيلية للصناعات العسكرية في معرض الصناعات العسكرية الذي اقيم في انقرة ، وتم افتتاحه في 27/9/1995م – 3/5/1416هـ(164) .
         كما شاركت طائرات اسرائيلية تابعة لسلاح الجو ، من نوع يسعور في اطفاء الحريق الضخم الذي شب يوم 4/7/1997م - 28/1/1418هـ  في أحد مصانع الذخيرة شمالي انقرة . وقد رأى الاسرائيليون فيه دليلا على ثبات التحالف الاستراتيجي بين البلدين (165) .

ز- التعاون الأمني والاستخباري :

         اشتمل التعاون الأمني والاستخباري بين اسرائيل وتركيا على المجالات الرئيسة التالية (166) :
1-      التعاون في مجال ما يسمى في المصطلحات الاسرائيلية والتركية والامريكية بـ " مكافحة الارهاب " ، والذي يتمثل من وجهة نظرهم بـ " الاسلام الاصولي " ، وما يتفرع عنه من تنظيمات واحزاب اسلامية ، كحزب الرفاه في تركيا وحماس والجهاد الفلسطينيين ، وحزب الله اللبناني ، اضافة إلى حزب العمال الكردستاني ، وبعبارة أخرى التنظيمات والاحزاب المعادية لتلك الدول.
2-      متابعة التطورات العسكرية التي تحدث في منطقة الشرق الاوسط والدول العربية والاسلامية المجاورة لاسرائيل وتركيا ، وبخاصة ايران وسوريا والعراق ، والتركيز على الاسلحة غير التقليدية التي تمتلكها تلك الدول ، وآلية التعامل معها ، يضاف الى ذلك ، فان إسرائيل وتركيا تسعيان لطرح مشاريع أمنية وعسكرية في المنطقة بحيث تكون لهما
الريادة .
3-      التعاون الأمني والإستخباري بين إسرائيل وتركيا في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية في منطقة الشرق الأوسط  . 
4-      التعاون في مجال تحليل البيانات والاحصاءات العسكرية والامنية التي تهمهما .
         وهناك نشاطات تكشف عن التعاون الأمني والاستخباري بين البلدين ، تتمثل في التصريحات والزيارات والاتفاقيات المشتركة بهذا الشان ، إضافة الى ان ثمة مظاهر لذلك التعاون تتمثل في التطبيقات العملية ،  للتعاون الأمني والاستخباري فبالنسبة للنشاطات ، فانه في أثناء زيارة حكمت جتين وزير الخارجية التركي الأسبق إلى إسرائيل 13/11/1993م - 29/5/1414هـ أعلن ان بلاده وإسرائيل ستتعاونان ضد التوسع الإسلامي الأصولي ، وستجريان مشاورات استخبارية بشأن إيران ونفوذها (167) . وصرح عزرا وايزمن  في 27/1/1994م–15/8/1414هـ ، بان إسرائيل وتركيا ستتعاونان في المجال الاستخباري ضد الإرهاب الانفصالي ، أي ضد حزب العمال الكردستاني . وكانت الصحف الإسرائيلية ، قد أشارت إلى أن التعاون في ذلك المجال قائم بين الدولتين(168). وفي أثناء زيارة تانسو جللر ، الى إسرائيل في 4تشرين الثاني 1994م –1 جمادى الثانية 1415هـ ، وقعت اتفاقية مع الجانب الإسرائيلي ، ورد في أحد بنودها نص لتبادل المعلومات الأمنية المتعلقة بالارهاب
أي " الاسلام الاصولي " وحزب العمال الكردستاني (169). وقد تزامنت تلك الزيارة ، مع زيارة أخرى ، قام بها رئيس وكالة الاستخبارات التركية العام إلى اسرائيل ، وذلك بهدف توثيق العلاقات الأمنية والاستخبارية بين
البلدين(170)
.
         لقد اثمرت الجهود الاسرائيلية  التركية المشتركة في المجال الأمني والاستخباري ، عن توقيع اتفاقية متعلقة بهذا الأمر في شباط 1996م – رمضان 1416هـ ، ضمن ملحقات الاتفاقيات العسكرية والامنية الاسرائيلية  التركية(171) . وقد وقعت الاتفاقية الأمنية من قبل ممثلين عن الموساد الاسرائيلي، ووكالة الاستخبارات التركية العامة (172) . واستمر التعاون الأمني والاستخباري الاسرائيلي التركي في عهد حكومة نجم الدين اربكان 1996-1997م / 1416-1417هـ  على النهج نفسه دون احداث تغيير فيه(173). وفي اثناء زيارة اسماعيل كردائي، رئيس هيئة الاركان التركي ، إلى اسرائيل في الفترة بين 24-28 شباط 1997م / 17-21 شوال 1417هـ ، أعلن ان الدولتين اعلنتا بأنهما سوف تعملان على زيادة التعاون الاستخباري بينهما(174). وفي نفــس الاتجاه ، قام امنون شاحق ، رئيس هيئة الاركان الاسرائيلية ، بزيارة أنقرة في شهر تشرين الأول 1997م - جمادى الثانية 1418هـ ، ناقش مع نظرائه الأتراك ، موضوع تقوية الجهود الثنائية في المجال الاستخباري (175) .
         أما مظاهر التعاون الأمني والاستخباري الاسرائيلي - التركي ، فقد تجسدت في التطبيقات العملية للتعاون المشترك في هذا المجال ، الذي يمكن ايجازه على الشكل التالي:
1-      التعاون الاسرائيلي - التركي في المجال الأمني والاستخباري لمكافحة الارهاب . وتمثل ذلك في النشاطات المشتركة لمقاومة التنظيمات الإسلامية الأصولية ، وحزب العمال الكردستــاني ويتلخـص التعـاون بينهما في هذا المجال بما يلي : 
أ‌-     التعاون الاستخباري : الذي تجسد في تبادل المعلومات المتعلقة بتلك المجالات من حيث نشاطاتها الداخلية والخارجية ، ومصادر تمويلها ، وطرق التصدي لها (176) . ومن الأمثلة الواضحة على التعاون المشترك لمكافحة تلك النشاطات قيام 50 خبيراً من الاستخبارات الاسرائيلية ، بزيارة تركيا في شهر اذار 1995م -شوال 1415هـ ، حيث قدموا لتركيا " معلومات تتعلق بغزوها لمنطقة الحكم الذاتي في شمال العراق " إضافة الى تقديم المشورة للاتراك استناداً إلى خبراتهم التي اكتسبوها في محاربة التنظيمات الفلسطينية واللبنانية المختلفة في لبنان" (177) . كما ان إسرائيل اسهمت بفاعلية في إلقاء القبض على زعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله اوجلان في بداية عام 1999م  –1419هـ ، بعد أن تابعت تحركاته ونشاطاته المختلفة قبل تلك الفترة( 178 ) .
ب‌-لعب التحالف الاسرائيلي  التركي، دوراً هاماً في توفير الدعم والتأييد للمؤسسة العسكرية في تركيا، للضغط على مختلف النشاطات الاسلامية فيها، ممثلا بحزب الرفاة الاسلامي ، بزعامة نجم الدين اربكان، حيث قدمت اسرائيل لتركيا معلومات امنية واستخبارية عن النشاطات الاسلامية في تركيا وارتباطاتها الخارجية . وعلى اثرها مارست المؤسسة العسكرية التركية بدعم من اسرائيل، الضغوطات على أربكان حيث اجبر على تغيير مواقفة المعارضة لاسرائيل . ولم يقتصر الأمر على ذلك بل أجبر على التسريع من وتيرة العلاقات الاسرائيلية- التركية، ووقع على اتفاقيات عسكرية واقتصادية بين البلدين (179) .
جـ  قدمت اسرائيل لتركيا مساعدات أمنية ،بهدف الحد من تسلل افراد حزب العمال الكردستاني على الاراضي التركية ، وقد أشير إلى ذلك سابقا (180) .
2- التعاون الأمني والاستخباري الاسرائيلي  التركي في متابعة التطورات العسكرية لدول جوارهما :
         تابعت اسرائيل وتركيا ، بالتعاون والتنسيق مع الولايات المتحدة الامريكية ، جهودهم الحثيثة لمتابعة التطورات العسكرية التي تجري في ايران والعراق وسوريا ،  وذلك من خلال الزيارات على مختلف المستويات والاصعدة، وعقد الاجتماعات الدورية ، وتشكيل لجان العمل المشتركة بينهما(181) . وقد سعت الدولتان للحصول على المعلومات الاستخبارية والامنية لدول جوارهما من خلال ما يلى:
أ‌-     زرع محطات التجسس في داخل الاراضي التركية وبالقرب من الحدود مع سوريا والعراق وايران وسوريا    وبهذا الصدد يقول اوري لوبراني ، أحد اعمدة اجهزة المخابرات الاسرائيلية والمسؤول عن ملف جنوب لبنان منذ الثمانينيات وحتى وقت اعداد الدراسة ، بان تركيا قد  "  سمحت لاسرائيل باستئناف نشاطاتها السرية ولتعمل بحرية مطلقة في ربوع الاراضي التركية ، وخصوصا في منطقة ديار بكر جنوب تركيا ، حيث انتشرت اجهزة التنصت والرصد والخدمات الاستخبارية ، لتتابع عن كثب ما يجري في كل من العراق وسوريا  كما عززت اسرائيل نشاطها ، فاقامت محطات استخبارية إضافية داخل الحدود التركية " (182)  .
ب‌-جمع المعلومات الأمنية والاستخبارية من الجو : لقد اتاحت الاتفاقية العسكرية والامنية الموقعة بين اسرائيل وتركيا في شباط 1996م –رمضان 1416هـ . لاسرائيل القيام بطلعات جوية في الاجواء التركية بالقرب من الحدود مع سوريا وإيران والعراق . وقد اشارت مصادر تركية واسرائيلية وعربية ان تلك الطائرات تحمل اجهزة الكترونية للتجسس على تلك الدول، مما شكلت مصدراً هاماً للمعلومات الاستخبارية للبلدين ، وبخاصة  ان تلك الطلعات كانت تجري بصورة دورية(183) . كما اشارت بعض التقارير الصحفية ان تركيا قد انشأت قاعدة جوية في شرق الاناضول ، من اجل استخدامها للاغراض الامنية والاستخبارية مع اسرائيل (184) . كما زودت اسرائيل تركيا ، بطائرات رادارية بلا طيار ، بهدف جمع المعلومات الأمنية والاستخبارية عن الدول المجاورة لها (185) . كما زودت اقمار التجسس الاسرائيلية ، تركيا بمعلومات وصور عن النشاطات العسكرية لدول جوارها (186) .
جـ- تنظيم خلايا تجسس في الدول المجاورة لاسرائيل وتركيا ، والاستفادة من الاقليات الموجودة في تلك الدول . فإسرائيل نجحت في تجنيد فئات من الاكراد لصالحها ، كما أن تركيا استطاعت تجنيد بعض الأفراد من تركمان سوريا للعمل لصالحها (187) . وثمة نماذج للمعلومات الأمنية والاستخبارية التي قدمتها اسرائيل لتركيا عن الاسرار العسكرية لسوريا ، منها ما يلي:
* قدمت اسرائيل لتركيا معلومات تقنية عن طائرات الميج Mig- 29- ، الروسية الصنع والتي تعد عماد سلاح الجو السوري ، والطائرات الاحدث فيه ، حيث حصلت على نماذج منها ، من احدى الدول الاوروبية ، ويعتقد بانها المانيا . وفي ضوء ذلك اصبح جزء من اسرار سلاح الجو السوري بحوزة الاتراك واسرائيل (188) .
* زودت إسرائيل تركيا بمعلومات وصور جوية حصل عليها الطيارون الاسرائيليون في اثناء طلعاتهم الجوية في جنوب تركيا ، عن مصنع سوري للغازات الكيماوية ، يمارس نشاطه بشكل سري ، في موقع مخفي تحت جبل بالقرب من الحدود مع تركيا (189) .
2       - المساهمة في المشاريع الأمنية الاقليمية :
         سعت إسرائيل وتركيا إلى تأكيد دورهما الإقليمي في المجال الأمني ، وذلك من خلال اقتراحهما لمشاريع أمنية في الشرق الأوسط ، ومن أمثلة  ذلـك السعي  لتأسيس مؤتمر لمجلس الأمن  والتـعاون في الشرق الأوسطConference of Security co- Operation in the Middle East ليتولى نزع فتيل التهديدات العسكرية وبخاصة الصاروخية ، والسعي لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة ولكن هذا المشروع لم يلق الاستجابة المطلوبة من قبل دول المنطقة لأنه يؤكد الهيمنة الإسرائيلية والتركية على ذلك المشروع (190) .
         كما نشطت اسرائيل وتركيا في مجال قضية الأمن في الشرق الأوسط ، حيث ساهمتا إلى جانب أطراف أخرى في المحادثات الثنائية المتعلقة بالسيطرة على السلاح ، والأمن الإقليمي  Arms Countrol and Regional Securityالذي يرمز له اختصاراً بـ Acrs ، ويهدف الى تبادل المعلومات العسكرية المتعلقة بالأمن في منطقة الشرق الأوسط ، والحؤولة دون قيام منازعات عسكرية ، والعمل على بناء الثقة العسكرية بين تلك الدول . وكان ذلك في أعقاب عملية السلام العربية الإسرائيلية منذ عام 1991م –1411هـ . وضمن هذا الإطار ، فان الدولتين شاركتا في محادثات متعددة الأطراف الإقليمية التي عقدت لموظفي وزارات الخارجية في المنطقة ، والمتعلقة بالأمن والاستقرار في الشرق الأوسط(191) .
         ويستخلص مما سبق ، ان مجالات التعاون العسكري الإسرائيلي  التركي ، تتميز بالتنوع والشمول لشتى انواع العلاقات العسكرية ، إضافة إلى أن الفنية العسكرية الإسرائيلية التي تقدم الى تركيا ، تعتبر ارقى ما وصلت اليه الفنية العسكرية على الصعيد العالمي ، ومن شأن ذلك ان يجعل من تركيا دولة متقدمة عسكريا في المنطقة . وسيجعل ذلك التعاون إسرائيل وتركيا قوة اقليمية مهيمنة على المنطقة ، وفي المقابل ضعف عسكري عربي مواز له ، مما سيحدث إخلالا بموازين القوى لصالح إسرائيل وتركيا .
رابعا- مخاطر العلاقات العسكرية الإسرائيلية  التركية على الأمن الإقليمي :
         شكل التعاون العسكري الإسرائيلي  التركي ، تهديدا عسكريا وامنياً وأستراتيجياً للامن الأقليمي بعامة وللأمن القومي العربي وأمن ايران بخاصة .  وهناك اسباب تبين التهديد والخطر ، هي :
أ - طبيعة العلاقات العسكرية  الإسرائيلية - التركية:
         يتضح من مجالات التعاون العسكري الإسرائيلي - التركي ، والتي اشير إليها سابقاً ، ان طبيعة  التعاون يمكن ان تكون علاقات استراتيجية متكاملة في طريقها إلى تكوين حلف عسكري بينهما ، ولعل ما يكشف عن ذلك التصريحات التي صدرت عن السياسيين والعسكريين الاسرائيليين - والاتراك ، إضافة الى محلليين سياسيين  غربيين . فقد وصفت تانسو جللر ، رئيس وزراء تركيا في اثناء زيارتها الى تل ابيب في شهر تشرين الثاني 1994م -جمادى الثانية 1415هـ  العلاقات مع إسرائيل بانها " علاقة إستراتيجية "  (192) . كما وصف مسؤول كبير في وزارة الدفاع الاسرائيلية العلاقات بين البلدين في عام 1994م – 1414هـ " بانها علاقة استراتيجية ، وهي من أكثر المواضيع أهمية خلال العقد الحالي "(193) . وقد ابدت وزارتا الدفاع في اسرائيل وتركيا عن رغبتهما في التعاون الاستراتيجي الكامل  (194) . وعندما قام رئيس الاركان التركي اسماعيل كردائي بزيارة إسرائيل أواخر شهر شباط 1997م - شوال 1417هـ علق الاسرائيليون عليها أهمية كبيرة ، وقد وصفت من قبل محلليين سياسيين بانها " تتم في اطار علاقة استراتيجية بين الجانبين " (195) . ويرى ستيفن كينزر ، في مقالة له في نيويورك تايمز ، New York Times ، بان التحرك السياسي والعسكري الرئيس الأخير في الاستراتيجية الجديدة لتركيا هو التعاون مع إسرائيل . فجيشا البلدين يعملان معا، حتى في فترة الحكومة التي قادها الاسلاميون ، والآن فإن الحكومتين تربطهما علاقات مدهشة ، فالجنرالات والوزراء واعضاء الهيئات التشريعية يعملون في العديد من مشروعات التنمية ويخططون لما يريدونه كحلفاء عسكريين على المدى الطويل " (196) .  
         واطلق مسعود يلماز ، رئيس الوزراء التركي عام 1997م - 1417هـ  ، على العلاقات التركية مع الولايات المتحدة وإسرائيل ما أسماه " الشراكة الاستراتيجية " (197) . كما اشار تقرير عسكري نمساوي ان إسرائيل وتركيا قد وقعتا سلسلة من المشاريع العسكرية والأمنية والاستراتيجية التي من شأنها ان ترقى إلى مستوى التحالف الإستراتيجي بينهما (198) . ويؤكد افرايم عنبر ، استاذ العلوم السياسية في جامعة بارايلان في إسرائيل ، ان الأخيرة قد " اعتبرت تركيا دائما هي شريكها الاستراتيجي الأول .."  (199) . وقد اعتبر غيث ارمنازي ، مدير مكتب جامعة الدول العربية في بريطانيا على تلك العلاقة بانها على "  شفا علاقة استراتيجية كاملة ، وان هناك حلف استراتيجي تجري صياغته بين إسرائيل وتركيا " (200) . ولعل التصريح الذي ادلى به دافيد عفري ، المسؤول الاسرائيلي الرئيس ، عن العلاقات العسكرية والأمنية مع تركيا، في ندوة كلــية القيــادة والاركان – الإسرائيلية في 3 ايار 1996م – 15ذو الحجة 1416هـ،  يعبر عن واقع تلك العلاقة ، أفضل تعبــير بقولــه ان علاقاتـنا الراهنة مع تركيا إذا ما قيست بالعلاقة التي نشأت اواخر الخمسينيات، ضمن حلف المحيط ( دول المنطقة ) من حيث شموليتها وتعدد مجالاتها ، تعد علاقات تحالف فعلاً "  (201)  .
         ومما يؤكد على عمق العلاقات العسكرية الاسرائيلية  التركية ان الدولتين قد وقعتا على 20 اتفاقا عسكريا وامنيا وإستراتيجيا بين عامي 1995-1996م / 1415-1416هـ (202) . ويتضح مما سبق بان العلاقات العسكرية الاسرائيلية -التركية ، متطورة جداً يمكن ان يطلق عليها التعاون الاستراتيجي الكامل ، وهي في طور التحالف الاستراتيجي ومما يدعم ذلك مجالات التعاون التي اتصفت بالشمول والتنوع لشتى اوجه العلاقات العسكرية التي يمكن ان تحدث بين بلدين ، ناهيك على ان التصريحات الرسمية السياسية والعسكرية في إسرائيل وتركيا ، تؤكد على هذه الحقيقة.
ب - تغيير موازين القوى في الشرق الاوسط :
         غيرت العلاقات الاستراتيجية المتكاملة او التحالفية ، بين إسرائيل وتركيا من موازين القوى العسكرية في منطقة الشرق الأوسط ، فاصبحت لصالحهما ، وذلك لامتلاكهما أكبر قوة عسكرية من حيث العدد ، إذ يصل عداد قواتهما العسكرية الى نحو مليون مقاتل ، يمتلك أفضل ما توصلت إليه الفنية العسكرية على المستوى العالمي ، وبخاصة لدى الجانب الاسرائيلي . وفي المقابل فان القوى العربية والاسلامية في المنطقة تعاني من الانقسام وقلة التعاون والتنسيق العسكري ، مع ضعف الفنية العسكرية الموجودة لديهم ، مقارنة باسرائيل وتركيا. يضاف إلى ذلك ان سوريا وايران والعراق تعاني من نقص في الحصول على المعونات العسكرية الخارجية (203) .
         ولعل من الدلائل الأخرى التي تدعم تغيير موازين القوى في الشرق الاوسط لصالح إسرائيل وتركيا، التصريحات التي صدرت بهذا الشأن ، فهذا موشية ارنز  Moshe Arens ، وزير الدفاع الاسرائيلي
1983-1984م / 1403-1404هـ - 1990-1992م / 1410هـ 1412هـ ، ووزير الخارجية 1988-1990م /  1408هـ – 1410هـ الذي صرح بان الحلف العسكري بين إسرائيل وتركيا " قد غير موازين القوى الأقليمية "  (204) . وكتب المحلل السياسي التركي البارز سامي كوهين 
Sami Cohen  عن تلك العلاقة بان " هذا التحالف الغني قد غير من ميزان القوى الاستراتيجية في الشرق الأوسط الغني بالنفط  "  (205) . أما صبري سياري Sabri Sayari المحلل السياسي واستاذ العلوم السياسية في جامعة جورج تاون ، فقد صرح ، بان العلاقة العسكرية الاسرائيلية  التركية " أهم علاقة عسكرية في الشرق الاوسط  " .  فيما وصفت مجلة الاخبار الدفاعية Defense News العلاقة بانها " حركة رائعة ترفع الأمن الأسرائيلي والتركي لدرجة لا يمكن عمليا التعرض لها" (206) . واعتبرت صحيفة Mideast DaiLy Digest ، ان انشاء الحلف الجديد من شأنه ان يؤثر على منطقة الشرق الأوسط برمتها ويعيد رسم خريطة المنطقة من جديد (207) . كما ان تلك القوة الجديدة في المنطقة ، من شأنها ان تزيد من النفوذ الامريكي في المنطقة (208) . إضافة الى انها ستؤدي  الى ادخال إسرائيل ، من بوابه اسلامية ، كطرف رئيسي له علاقة مباشرة بما يجري في شؤون العالم العربي والاسلامي (209).
جـ – ممارسة الضغط والتهديد للبلاد العربية والاسلامية :
         اولى التحالف الاسرائيلي – التركي منطقة الشرق الاوسط عناية خاصة، لانهما تعيشان فيها ، ولاهميتها الاستراتيجية والعسكرية والاقتصادية . لذلك مارستا ضغوطا وتهديدات على الدول العربية والاسلامية في المنطقة ، وتتضح تلك المظاهر من خلال ما يلي :
1- اشتملت الاتفاقية العسكرية والامنية الاسرائيلية - التركية على بند ينص على ان " يشترك جيشا البلدين في المعارك التي تحدث بين احداها ودولة ثانية  "(210) . وهي بذلك تسمح لاسرئيل بزيادة عمقها الاستراتيجي ، وتتيح لها ولتركيا المشاركة في العمليات العسكرية ، تحت شعارات واغطية مختلفة منها "محاربة الارهاب" " ونشـر السلام " (211) . وبهذا الصدد يشير ميخائيل بايبس في دراسته المعنونة "محور جديد" الى ان الروابط التركية  الاسرائيلية القوية ستؤدي الى "استقرار المنطقة من خلال قيامها بردع عسكري مهول ضد أي عدو محتمل"(212) . كما يؤكد ميخائيل ايزندات  MichaeL Eisens tadt  ، الباحث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الاوسط بان "على اعداء اسرائيل وتركيا التفكير مليا في حالة وقوع مجابهة مع إي منهما ، لأنهما ستقفان إلى جانب بعضهما البعض " (213) .
2- تدعيم الدور الاقليمي لهما والعمل على أضعاف القوى الأخرى:
         دعم التحالف الاسرائيلي  التركي ، بفضل الامكانيات والقدرات العسكرية الكبيرة والمتقدمة ، وما يترتب على ذلك من اخلال في موازين القوى لصالحهما ، الدور الاقليمي لكل من إسرائيل وتركيا والذي يتمثل في إقامة مشروع النظام الشرق أوسطي الجديد، وفقا لاهدافهما ومصالحهما المشتركة ، وما يتماشى مع السياسية الامريكية في المنطقة. وذلك بهدف ان يكون دورهما الاقليمي قياديا ومتميزا في المجالات العسكرية والامنية والاقتصادية والعمل على منع ظهور أي قوة عسكرية منافسة لهما ، والحؤولة دون وصول اسلحة دمار شامل إلى الدول العربية والاسلامية (214) . ويؤكد يحزقل دور ، الباحث الاستراتيجي الاسرائيلي في كتابة "استراتجية عظمى لاسرائيل" بقوله ان تركيا واسرائيل " تعتبران أكبر قوتين خارج النسق العربي وان تعاونهما وتحالفهما سيمنع ظهور قوة عربية في المنطقة تمارس سياسة مهددة لأمن كل منهما ، بل ان في مقدور الدولتين ان تعملا على احداث الانقسامات وتشتيت القدرات العربية خشية ان يؤدي ذلك إلى تهديد الدول غير العربية في المنطقة " (215) . وترى اسرائيل وتركيا ان سوريا وإيران والعراق ، سعت بدرجات متفاوتة ، الى منافستهما اقليمياً وبالتالي تسعى إلى ايجاد نوع من التوازن معهما (216) . وبهذا الشأن يقول افرايم عنبر، بان العلاقات العسكرية بين اسرائيل وتركيا " إشارة واضحة إلى الانظمة الرديكالية  في المنطقة التي تسعى إلى اعادة ترتيبها ، وإعادة موازين القوى فيها " (217) . واعتبرت بعض وسائل الاعلام الاسرائيلية والتركية ان المناورة البحرية الاسرائيلية  التركية  الامريكية التي جرت اوائل عام 1998م –1418هـ ، كان من شأنها بناء تشكيـــل عسكري لمواجـهة التهديدات السورية أو الايرانية ، أو أي ازمة تحدث في منطقة الخليج ، والتلميح لدول المنطقة بان جبهة قوية موحدة تقف أمامها (218) . وثمة اتفاق اسرائيلي وتركي وامريكي بان الجهود التي تقوم بها ايران وسوريا في مجال تطوير قدراتهما العسكرية في مجالي الحرب الكيمياوية والصواريخ البالستية، تشكل خطرا عسكريا عليهما وان السبيل الوحيد للتصدي لتلك الاخطار هو تقوية " الحلف الاستراتيجي بين إسرائيل وتركيا " (219) . وعليه فانهما تعاونا معا في مجال السعي لوقف الجهود الإيرانية والسورية السابقة بشتى الطرق والوسائل ، وبخاصة الترويج في وسائل الاعلام المختلفة بانهما يمتلــكان او يطوران اسلحة من شأنها ان تؤثر على المنطقة سلباً ، واستغلال النفوذ الامريكي للضغط عليهما لمنعهما من السير في هذا الاتجاه، أو الضغط على الدول الداعمة لهما عسكريا لوقف امداداتها العسكرية لهما (220) .
3 - الضغط  والتهديد التركي  الاسرائيلي لسوريا :
         مارس التحالف التركي- الاسرائيلي ضغوطا على سوريا، بهدف تحقيق مصالحهما الخاصة ، فاسرائيل تريد الضغط على سوريا لاجبارها على دخول عملية السلام وفقا للشروط الاسرائيلية ، أما تركيا ، فترى في ذلك التحالف ورقة ضغط على سوريا من اجل ان تتنازل عن حقوقها في الاسكندرونه ، ووقف دعمها للاكراد وعدم تلبية طلباتها بشأن المياه في الفرات. وقد مارست الأخيرة اشكالا عديدة للضغط على سوريا منها ،التحكم بكميات المياه ، ونوعيتها ، الجارية من تركيا إلى الاراضي السورية، وحبسها في بعض الفترات لتملأ بعض سدودها (221) . وفي اثناء زيارة مسعود يلماز ، وزير الخارجية التركي السابق ، الى لواء الاسكندرونه في21 اذار 1996م–2 ذو القعدة 1416هـ ، اتهم سوريا بدعم الارهاب وهددها باستخدام سلاح المياه ضدها ، واتهمها بانها تريد تحطيم وحدة الاراضي التركية (222) . واستخــدم لغة التهديد والمعاقبة لعدوانيتها قائلا : " نحن الأتراك شعب صبور ، ولكن عندما ينفذ صبرنا سيكون ردنا قاسياً " (223) . وفي يومي 24-25 ايار 1996م –7-8 محرم 1417هـ زار السفير الاسرائيلي في تركيا زفي البيلج  Zvi Albelge ، يرافقه مجموعة من رجال المخابرات والعسكريين الإسرائيليين ، لواء الاسكندرونه . وبعد ذلك بفترة وجيزة حدثت انفجارات في شمالي سوريا . وقد أكدت مصادر متخصصة في الشؤون التركية ان تلك التفجيرات كانت بتدبير من السلطات الأمنية والعسكرية التركية بمساعدة تلقتها من نظيرتها الاسرائيلية (224) . وعلى اثر توطيد تركيا لعلاقاتها العسكرية مع اسرائيل لجأت إلى تصعيد وتيرة تهديداتها الموجهة الى سوريا ، إذ وصل الأمر بقادتها العسكريين تهديدها بالاجتياح العسكري اوائل شهر تشرين الاول 1998م –جمادى الثانية 1419هـ  بحجة دعمها لحزب العمال الكردستاني وقد تدخلت مصر وايران لنزع فتيل تلك الأزمة وازالة التوتر القائم بين البلدين (225) .
4- شكل التحالف الاسرائيلي التركي اختراقاً للامن القومي العربي والاسلامي، ويتضح ذلك من خلال ما يلي:
   أ- ان اسرائيل قد استغلت الاراضي والأجواء التركية ، للتجسس على ايران والعراق وسوريا ، بحيث غدت نسبة لا بأس بها من اسرارها العسكرية في متناول يد اسرائيل وتركيا (226) . كما ان بامكان الطائرات الاسرائيلية المتواجدة في القواعد الجوية التركية توجيه ضربات جوية للاهداف الحيوية والهامة في تلك الدول ، وحتى يمكن ان تصل الى دول الخليج (227) . وتعتبر صحيفة هاراتس - الإسرائيلية ان تحليقات سلاح الجو الاسرائيلي في المجال الخلفي لسوريا بشكل اساس ردع لايستهان به (228) . وبالنسبة لايران سوف تكون أهم الأهداف الاقتصادية والعسكرية ، على بعد يتراوح ما بين 500-700 كليو متر ، إذ ان الطائرات الاسرائيلية المتمركزة في الاراضي التركية بإمكانها ضرب تلك الاهداف دون الحاجة الى التزويد بالوقود في الجو . وقد ابدى مدير معهد  موشى دايان للدراسات الاسيوية والافريقية ، التابع لجامعة تل ابيب " إن اسرائيل وتركيا ستقوم ببناء نظام تحالف يمكنه ان يخدمهما بصورة فاعلة في حالة ظهور تهديد أو خطر من ايران وسوريا "  (229) . وقد اشارات صحيفة صنداي اكسبرس البريطانية عام 1996م –1416هـ ، إلى ان اسرائيل والولايات المتحدة الامريكية وتركيا قد خططت لشن هجمات من الاراضي التركية على المنشأة النووية الرئيسة في إيران ، والتي يطلق عليها اسم نيكا، وهي قريبة من بحر قزوين ، والتي يعتقد بانها ذات مستوى متطور، ويمكن ان تجعل من إيران دولة ذات قدرة نووية "  (230)  .
   ب- وضع التحالف الاسرائيلي  التركي سوريا بين فكي الكماشة الاسرائيلية التركية ، واصبحت محاصرة عسكريا في ظل التنسيق العسكري التام بين الدولتين . كما يؤكد ذلك الباحث العسكري ادجار اوبالانس (231) . وكذلك يؤكد ما يكل ايزندات بانه  "  بامكان الجيش التركي ان يحشد قواته على الحدود مع سوريا. وهذا سيؤدي إلى تقييد الاحتياط الاستراتيجي السوري، وبامكان تركيا ان تسمح للطائرات الاسرائيلية بالهبوط في القواعد التركية لتقوم بتحرير المعلومات الواردة من الطيران الاستطلاعي . وهذا سيدفع سوريا إلى إعادة صياغة أنظمة الدفاع الجوية. وفي البحر ، فان بامكان تركيا ان تسمح لاسرائيل بالعمل من خلال القاعدة البحرية في الاسكندرونة ، أو في المناطق المحظورة في المياه التركية قريبا من سوريا مما يدفع سوريا لتوزيع اسطولها "( 232).
   ج- استطاعت إسرائيل من خلال تحالفها مع تركيا اختراق جدار الأمن القومي العربي والإسلامي، وذلك لأن تركيا دولة ذات أغلبية سكانية مسلمة ، ولو أنها موالية للغرب ، قد اقامت تحالفا مع دولة معادية للعرب والمسلمين ورأس حربـة للاستعمار . وقد منح ذلك اسرائيل صفة رسمية لدخول منطقة الشرق الأوسط وكما أن هناك مخاوف عربية وإسلامية ، من حدوث اختراق آخر، يتمثل في انضمام دول عربية الى التحالف الاسرائيلي  التركي ، وبخاصة الاردن الذي تربطة علاقات متميزة مع الدولتين ، ومع الولايات المتحدة الراعية لذلك الحلف (233).
   د- يعتبر التحالف الاسرائيلي  التركي ، ركيزة من ركائز السياسة الامريكية في منطقة الشرق الاوسط، وبالتالي فان الحلف يمثل امتداداً لسياسة الاحلاف الغربية في المنطقة العربية التي ظهرت في فترة الخمسينيات الميلادية . ويعد بمثابة ذراع متقدمة لتحقيق السياسة الامريكية في المنطقة ، وينظر إليه على انه رأس حربة للاستعمار الامريكي في المنطقة (234).
         ويتبين مما سبق ، ان التعاون العسكري الاسرائيلي  التركي ، يشكل خطراً جسيماً على الامن القومي العربي والاسلامي لانه سيحاصر بعض الدول العربية كسوريا ، والاستفادة من الاراضي التركية للتجسس على ايران والعراق وسوريا،  مما يعني ان بعض الاسرار العسكرية لتلك الدول قد اصبحت معروفة لدى اسرائيل وتركيا ، اضافة الى انه يمكن توجيه ضربات عسكرية مؤلمة الى تلك الدول ، من الاراضي التركية ، وعليه فان الاوضاع العسكرية والاستراتيجية للدول العربية والاسلامية محرجة جداً في ظل غياب التنسيق والتعاون العسكري العربي والاسلامي  .
خامسا- المواقف العربية والإسلامية من العلاقات العسكرية الاسرائيلية- التركية :
         اتصفت المواقف العربية والاسلامية ازاء العلاقات العسكرية الاسرائيلية  التركية بشكل عام بالمعارضة والتنديد والشجب ، منطلقة من كون تركيا دولة ذات أغلبية سكانية اسلامية لها ارتباط ديني وتاريخي مع العالمين العربي والاسلامي، لما يزيد عن ستمائة عام ، إضافة إلى انها مجاورة لأهم البلدان العربية والاسلامية ، عسكرياً واقتصاديا وبشريا وهي ايران وسوريا والعراق . كما ينظر الى تلك العلاقات بانها احياء جديد لسياسة الاحلاف، التي ظهرت في المنطقة في فترة الخمسينيات الميلادية ، كحلف بغداد عام 1955م – 1375هـ(235)  ولتسهيل دراسة المواقف العربية والاسلامية من العلاقات العسكرية الاسرائيلية  التركية فانه سيتم دراسة تلك المواقف من ناحيتين الأولى ، مواقف والمنظمات والمؤسسات العربية والاسلامية وبخاصة جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي، والثانية دراسة مواقف أهم ردود فعل الدول العربية. وفيما يتعلق بمواقف المؤسسات والمنظمات العربية والاسلامية فيمكن اجماله على الشكل التالي:
أ‌-     موقف جامعة الدول العربية:
         اولت جامعة الدول العربية موضوع العلاقات العسكرية الاسرائيلية - التركية عنايتها الخاصة ، منذ ان بدأت تلك العلاقة تتخذ ابعاداً جديدة ، وبخاصة بعد التوقيع على الاتفاقية العسكرية والامنية الاسرائيلية  التركية في شباط 1996م - رمضان 1416هـ . وعلى أثر ذلك عقد مؤتمر القمة العربي في القاهرة في حزيران 1996م-محرم 1417هـ . وقد طالب المؤتمر تركيا باعادة النظر في تلك الاتفاقية (236) . كما ادانت الجامعة الاتفاقية باعتبارها تهديدا للدول العربية المجاورة لتركيا (237) . وبعد اجراء المناورة البحرية المشتركة اوائل عام 1998م - 1418هـ ابدت الجامعة على لسان امينها العام عصمت عبد المجيد قلقها ازاء تلك المناورة (238) .
         لقد نظرت جامعة الدول العربية في الاثار المترتبة على العلاقات العسكرية الاسرائيلية – التركية على منطقة الشرق الاوسط ، واعتبرتها تعرض المصالح العربية للخطر، وذلك بعودة المنطقة من جديد الى سياسة الاحلاف والمعاهدات التي ظهرت سابقا في فترة الخمسينيات (239) . وقد حاولت الجامعة من وقت الى آخر ، ان تحث تركيا على ضرورة إعادة النظر في علاقاتها مع اسرائيل (240) . وذلك من خلال التأكيد على " الماضي المشرف للشعب التركي في الدفاع عن القيم الاسلامية ، وعن الاماكن المقدسة من الغزو الصليبي البرتغالي في القرن العاشر الهجري / السادس عشر الميلادي ، وفي المقدمة منها القدس الشريف  والرصيد التاريخي للعلاقات الثقافية والحضارية والدينية العربية- التركية " (241)  .
         وعلى الرغم من جهود جامعة الدول العربية تلك ، فانها لم تتخذ مواقف حازمة او خطط عملية واضحة المعالم لسبل التصدي للتعاون العسكري الإسرائيلي  التركي ، ولعل ذلك يعزى الى ضعف امكانيات وقدرات الجامعة في شتى النواحي ، إضافة ان بعض الدول العربية مثل الأردن، كانت تعارض اتخاذ اجراءات عملية ضد تركيا (242) .
ب‌-موقف منظمة المؤتمر الاسلامي:
         عقد مؤتمر للقمة لمنظمة المؤتمر الاسلامي في طهران خلال شهر كانون الأول 1997م –شعبان 1418هـ وشاركت فيه معظم الدول الاسلامية ، ومن بين جملة المواضيع التي تم بحثها موضوع العلاقات الاسرائيلية التركية، وتعرض الوفد التركي الذي ترأسه الرئيس سليمان دميرل إلى انتقادات شديدة حتى ان هذا الوفد لم يستطع الاستمرار في المؤتمر إلى نهايته . وقد تجسد الموقف الاسلامي في المؤتمر في البيان الختامي ، إذ ورد في احد قراراته الرئيسة  إدانة تركيا ، وان لم تذكر بالاسم لتعاونها مع اسرائيل . وتجدر الاشارة الى ان سوريا هي التي قادت عملية ادانة تركيا في المؤتمر (243)  .
         وعلى صعيد مواقف أهم الدول العربية والاسلامية من العلاقات العسكرية الاسرائيلية- التركية ، فيمكن اجمالها على الشكل التالي :
أ‌-     الموقف السوري:
         كانت سوريا ، من الاهداف الرئيسة للعلاقات العسكرية الاسرائيلية - التركية ، إذا اعتبرت ان تلك العلاقة خطراً يتهددها ، لذلك قامت بالعديد من الاجراءات لتخفيف وطأة تلك العلاقة ، منها تبيان اخطارها على المنطقة ، وحث الدول الاسلامية على التصدي لها. كما انها سعت إلى توطيد علاقاتها مع كل من إيران والعراق واليونان إذ انها وقعت مع الأخيرة اتفاقا عسكريا عام 1995م –1415هـ ، كان من بنوده السماح للطائرات العسكرية لدى الجانبين باستخدام مطارات الدولة الأخرى ، في حالة وقوع اعتداء عسكري على أي منهما (244) .
         وبعد تسريب بعض المعلومات عن الاتفاقية العسكرية والامنية الاسرائيلية - التركية ، في شهر نيسان 1996م –ذو القعدة 1416هـ ، استدعت وزارة الخارجية  السورية السفير التركي في دمشق في 8/4/1996م– 20/11/1416هـ ، واعربت له عن احتجاجها على تلك الاتفاقية كما أبرزعدنان عمران ، مساعد وزير الخارجية السوري لدى اجتماعه مع السفراء العرب في دمشق ، خطورة الاتفاق وانعكاساته السلبية على العالم العربي ، وعلى السلام في المنطقة ، واعتبره عودة لسياسة الاحلاف ، وتحدي صارخ لدول الجوار ، وإنه اعلان للحرب . وطالب السفراء ، تنسيق الجهود العربية ازاء ذلك (245) .
         كما نشطت الدبلوماسية السورية في المجالين العربي والاسلامي لبناء جبهة موحدة لمواجهة التعاون العسكري الاسرائيلي - التركي ، فعقدت مؤتمراً للقمة شاركت فيه اضافة الى سوريا مصر والسعودية . وعقد في العاصمة السورية دمشق في شهر حزيران 1996م– محرم 1417هـ . وصدر المؤتمر في ختام اعمالة بيانا عبر عن قلق تلك الدول من التحالف الاسرائيلي  التركي ، كما طالب تركيا باعادة النظر في الاتفاق العسكري الموقع مع اسرائيل (246) .
         وقد اعتبر فاروق الشرع، وزير الخارجية السوري ، ان التحالف الاسرائيلي - التركي من شأنه ان يؤدي إلى مواجهة عسكرية مع سوريا ، بهدف الضغط عليها وعلى الدول المجاورة لتركيا : إيران والعراق ، وحتى الدول الخليجية، في ظل تعاون عسكري وأمني يهدف إلى اضعاف الأمن القومي العربي ، وزيادة السيطرة الاسرائيلية والتركية على الاراضي العربية ، والسعي لاحداث انقسام عربي وإسلامي (247) .
         ووصفت الخارجية السورية المناورات البحرية الإسرائيلية  التركية  الامريكية ، التي جرت عام 1998م–1418هـ ،  بأنها " ألعاب حرب ، وتتنافى مع روح السلام "(248) . كما وصفت التدريبات المشتركة لسلاحي الجو الإسرائيلي والتركي ، في اراضي الأخيرة ، والتي جرت بين عامي1997-1998م / 1417-1418هـ  بأنها موجهة ضد سوريا(249) .

الموقف المصري :
         أبدت مصر اهتماماً ونشاطاً واضحاً في مجال العلاقات العسكرية - الإسرائيلية التركية ، وأثرها على العالمين العربي والإسلامي ، ولعل ذلك يبرر بأهمية الدور المصري على الصعيدين العربي والإقليمي ، إضافة إلى أن تلك العلاقة من شأنها أن تؤثر سلباً على المنطقة برمتها ، بما في ذلك مصر نفسها(250) .
   لقد تمثل الموقف المصري من الاتفاقية العسكرية والأمنية الإسرائيلية  التركية ، بما يلي :
- إدانة وانتقاد الاتفاقية ، وقد تجسد ذلك في التصريحات العديدة التي أدلى بها وزير الخارجية المصري ، عمرو موسى ، منها أنها " ظهرت في وقت غير مناسب، ولا تساعد في الجهود لتحقيق السلام في المنطقة" (251) .
   وفي تصريح آخر قال عنها : " أقل ما يقال عن ذلك بأنه عمل عدواني ضد الدول العربية وتشكل خطراً على أمن الشرق الأوسط " (252 ) . أما الرئيس حسني مبارك فقد صرح في 29/5/1996م –12/1/1417هـ  بأنه أبدى عدم تفهمه لوجهتي النظر الإسرائيلية والتركية بشأن أهداف إجراء التدريبات الجوية المشتركة بمحاذاة السواحل السورية ، والتي تتمثل في محدودية مجال إسرائيل الجوي . وقد حذر الرئيس مبارك من أي اعتداء تركي على سوريا لأنه سيؤدي إلى مشكلات كبيرة في المنطقة ( 253 ) .
   - أوفد الرئيس المصري ، حسني مبارك ، وزير خارجيته ، عمرو موسى ، إلى تركيا في الفترة2-3/5/1996م –14-15 ذو الحجة1416هـ، لتقصي الحقائق فيما يتعلق بالاتفاقية العسكرية الإسرائيلية  التركية . وقد أكدت الأخيرة أن الاتفاقية تدريبية وليست استراتيجية ، ولا تستهدف أي دولة في المنطقة وأن أنقرة لن تقف إلى جانب تل أبيب في الصراع العربي  الإسرائيلي (254 ) .
   - تواصل الاهتمام المصري بالعلاقات العسكرية الإسرائيلية - التركية المتنامية ، إذ قام الرئيس حسني مبارك بزيارة أنقرة في 11 تموز 1996م-25 محرم 1417هـ وليوم واحد ، قدمت فيها تركيا تفسيرات لعلاقاتها العسكرية مع إسرائيل ، وأنها تقوم على المنفعة المشتركة وليست موجهه ضد طرف آخر(255 ) .
   - وتابع الرئيس حسني مبارك اهتمامه بالعلاقات العسكرية التركية مع إسرائيل ، إذ اجتمع مع الرئيس سليمان دميرل في 16/9/1997م -14/5/1418هـ ، لبحث قضايا مشتركة بينهما ، إضافة إلى موضوع اجراء المناورات البحرية المشتركة مع إسرائيل والولايات المتحدة التي أعلن عنها في ذلك العام . وقد حصل الرئيس مبارك على تفسيرات مطمئنة من تركيا لكونها تهـدف إلى التدرب على عمليات البحث والإنقاذ ( 256 ) . وبعد إجراء تلك المناورات عام 1998م –1418هـ أعلن وزيـر الخارجــية المصـري ، عمرو موسى ،" أن المناورات تحمل رسالة سلبية ، وهي خطوة سلبية " ( 257) .
   - ولم تقتصر الجهود المصرية ازاء تنامي العلاقات العسكرية الإسرائيلية - التركية على ما ذكر سابقاً ، بل أسهمت إلى جانب دول أخرى كإيران ، في تهدئة الأوضاع بين تركيا وسوريا ، عندما هددت الأولى باحتلال سوريا عسكرياً(258)  .
         ويبدو أن الجهود المصرية السابقة ، لم تعجب الجانب الإسرائيلي ، مما حدا برئيس دولتها ، عزرا وايزمن ، أن يعرب عن أمله في " أن يواصل الرئيس المصري قيادة عملية السلام ، ولكن ليس بطريقة ملتوية "(259) .
ج - الموقف الإيراني :
         اهتمت إيران بالعلاقات العسكرية الإسرائيلية - التركية ، لكونها مستهدفة فيها ومن شأنها أن تشكل خطراً عليها . فقد أعلنت شجبها لتلك العلاقة (260) ، واعتبرتها في غير صالح تركيا ، لأنها ستشير غضب الشعب التركي المسلم عليها (261) .
         وفي أثناء اجتمــاع رؤساء دول " منظمة التعاون الاقتصادي الأسيوية  ايكيو " الذي عقد في شهر أيار 1996م -ذو الحجة 1416هـ ، في عشق اباد عاصمة تركمنستان ، التقى الرئيسان الإيراني هاشمي رافسنجاني ، والتركي سليمان دميرل ، وتباحثا في موضوع الاتفاقية العسكرية والأمنية الإسرائيلية  التركية ، وقد نفى دميرل عقد تركيا لاتفاقيات عسكرية مع إسرائيل ، وأن أنقرة تسعى لتطوير علاقاتها مع إيران فيما أكد رافسنجاني بأن الإسرائيليين سوف يستغلون تلك الاتفاقية لضرب إيران (262) .
   وقد ادانت كل من تركيا والأردن لمشاركتهما إسرائيل والولايات المتحدة في المناورة البحرية المشتركة التي جرت بداية عام 1998م –1418هـ(263) . واعتبرتها تصعيداً لحدة التوتر في المنطقة ، كما حثت تركيا على إجراء مراجعة شاملة لعلاقاتها مع إسرائيل ، وعدت تلك المناورة تعارضاً مع القرارات التي اتخذها مؤتمر قمة منظمة المؤتمر الإسلامي عام 1997م - 1417هـ ، الذي أشار إلى الخطر الإسرائيلي على المنطقة برمتها . ومن وجهة النظر الإيرانية ، فإن المناورات تعتبر تهديداً للأمن في المنطقة (264)  .
         ولعل المخاوف الايرانية من العلاقات العسكرية الإسرائيلية  التركية ، تكمن في القدرة العسكرية المتطورة التي تمتلكها إسرائيل ، والتي من خلالها تستطيع تهديد مرافقها ومنشآتها العسكرية والاقتصادية ، مما يشكل خطراً كبيراً على أمنها (265) .
د - مواقف الدول العربية الأخرى :
         فيما يتعلق بالموقف العراقي من العلاقات العسكرية الإسرائيلية  التركية ، فقد اتصف بالتنديد والشجب من خلال التصريحات الإعلاميــة ، ولم يكن فاعلاً في هذا المجال ، وهذا مبرر بسبب المشاكل الاقتصادية والعسكرية والاجتماعية التي يعاني منها جراء الحصـار المفروض عليه . فقد أكد مندوب العراق لدى الأمم المتحدة نزار حمدون في 16/4/1996م 16/11/1416هـ بأن تركيا لم تراع الرفض العربي والإسلامي لتلك الاتفاقية ، ولم تراع حساسية جيرانها العرب والمسلمين ( إيران ، سوريا ، العراق ) .، وأن من شأن ذلك أن لا يساعد على استقرار منطقة الشرق الأوسط (266) . كما ادان وزير الخارجية العراقي ، محمد سعيد الصحاف ، المناورات العسكرية الجوية والبحرية المشتركة بين إسرائيل وتركيا ، باعتبارها عمل استفزازي ضد الأمة العربية (267) .

         أما الدول الخليجية بعامه ، فقد أخذت بعين الاعتبار الأوضاع السياسية والاقتصادية والإستراتيجية التي حدثت في المنطقة ، بعد تطور العلاقات الإسرائيلية  التركية، وأثرها في إدخال عنصر غريب في المنطقة (268)
         فيما اعربت لبنان عن قلقها من التعاون التركي  الإسرائيلي في المجالات العسكرية ، واعتبرته تهديداً للأمن القومي العربي والإسلامي بعامه ، وسورية بخاصة (269). وكذلك عبرت ليبيا عن قلقها إزاء الحلف العسكري الإسرائيلي التركي المشبوه ، الذي يستهدف " النفط والمصادر المائية "  في المنطقة (270) . أما الموقفان الأردني والفلسطيني من العلاقات العسكرية بين إسرائيل وتركيا فلم يندد بتلك العلاقة ، بل العكس من ذلك ، إذ ان الأردن قد شارك في المناورات البحرية المشتركة عام 1998م - 1418هـ ، ومرشح للــدخول في الحلــف التـركي – الإسرائيلي . أما الموقف الفلسطيني ، فلم يهمه هذا الموضوع كثيراً وكل ما يريده من تركيا أن تقوم بدور بارز في عملية السلام مع إسرائيل (271) .
         وعلى الرغم من الاعتراضات والتنديدات العربية والإسلامية بشكل عام، فان تركيا لم تأبه بها ، حيث اعتبر سليمان دميرل" ان  مصالح الأمة التركية أهم بكثير من أي اعتراضات عربية  على علاقات تركيا مع إسرائيل ، وأكد على أن تركيا " دولة مستقلة ، ولا يحق لاي كائن من كان ان يحدد لنا ما ينبغي أن نفعله " (272). ويبدو ان تركيا قد نجحت إلى حد ما أواخر 1998-1999م /  1418-1419هـ في التخفيف من ردود الفعل العربية والإسلامية ، إذا ما قورنت بردود الفعل العربية والإسلامية بين عامي 1996-1997م (273) .
         ويستخلص مما سبق تباين المواقف العربية والإسلامية من العلاقات العسكرية الإسرائيلية- التركية ، فسوريا ومصر وإيران بذلت جهوداً ملحوظة لشرح خطورة تلك العلاقة وتأثيراتها السلبية على منطقة الشرق الأوسط ، وحاولت توحيد الجهود العربية والإسلامية في هذا المجال . فيما لجأت بقية الدول العربية إلى الشجب والاستنكار والتنديد ، أما الأردن وفلسطين ، فأقل ما يقال عن موقفهما انه اتصف بالسلبية ، لانطلاقه من مصلحتهما الخاصة. وتأسيساً على ما سبق فان ردود الفعل العربية والإسلامية لم تكن موحدة ، وغلب عليها ردود الفعل الآنية على الأحداث الهامة ، دون أن يكون لها خطط منظمة وواضحة المعالم للتصدي لتلك العلاقة ، الأمر الذي سيزيد من أخطارهـا علـى المنطقة  .         

الخلاصة :
1-      جاءت العلاقات العسكرية الإسرائيلية- التركية نتيجة لظروف وعوامل سياسية واقتصادية وعسكرية داخلية وخارجية لكل من تركيا وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية ، وفيها مصالح مشتركة لهم.
2-      تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية الداعم الرئيس للعلاقات العسكرية الإسرائيلية  التركية ، لإن مبدأ رئيس من مبادئ سياستها الشرق أوسطية، يقوم على إنشاء تحالف إسرائيلي  تركي ، يخدم المصالح الأمريكية في المنطقة ، ويحافظ على الأمن والاستقرار ، وإحتواء الأنظمة المعارضة لها.
3-      تميزت العلاقات العسكرية الإسرائيلية - التركية بتطورها وتقدمها ، حيث وصلت إلى مرحلة التكامل الإستراتيجي، وهي في طور التحالف ، وهناك مؤشرات على تنامي تلك العلاقات خلال الفترات القادمة.
4-      قامت إسرائيل بتزويد تركيا بأفضل ما وصلت اليه الفنية العسكرية على المستوى العالمي ، ومن شأن ذلك ان يضع تركيا في مقدمة الدول المتقدمة عسكرياً في المنطقة ، وحتى على المستوى العالمي ، خلال الفترات القادمة . وفي المقابل ، فان الأتراك سيعتمدون عسكرياً على إسرائيل ، مما يجعل السياسة التركية رهينة الظروف والرغبات الإسرائيلية  .
5-      تميزت العلاقات العسكرية الإسرائيلية - التركية بالتنوع والشمول لشتى مجالات التعاون البري والبحري والجوي، الذي تمثل في قيام إسرائيل ببيع أسلحة إلى تركيا، وقيامها بتحديث جيشها ، وإقامة مشاريع عسكرية مشتركة ، واجراء مناورات وتدريبات مشتركة ، واجراء حوارات إستراتيجية بصورة مستمرة ، إضافة إلى التعاون في مجالات عسكرية هامة كالتعاون في المجال النووي ، وفي مجال الفضاء لأغراض عسكرية.
 عضدت العلاقات العسكرية الإسرائيلية  التركية ، دورهما الإقليمي في المجالات الاقتصادية والسياسية والعسكرية والأمنية ، وزادت من نفوذهما وهيمنتهما على المنطقة ، وتسعيان إلى صياغة شرق أوسط ، جديد وفقا لمصالحهما ورؤيتهما للأمور . وقد يطلب منهما ، مستقبلاً القيام بمهام محددة للولايات المتحدة الأمريكية .
7-حدث اختلال في توازن القوى في الشرق الأوسط لصالح إسرائيل وتركيا ، لما تمتلكانه من تعداد يناهز المليون مقاتل ، إضافة إلى فنية عسكرية متقدمة جداً ، هذا في ظل ضعف التنسيق العسكري العربي ، ووجود الخلافات بين بعض الدول العربية ، ونقص في الإمدادات العسكرية لبعض الدول الأخرى.
8-يشكل التحالف العسكري بين إسرائيل وتركيا ، خطراً ، وتهديداً للأمن القومي العربي والإسلامي ( إيران ) ، لأن إسرائيل استغلت الأراضي والاجواء التركية ، للتجسس العسكري على إيران وسوريا والعراق . واتخذتها وسيلة للضغط العسكري على تلك الدول ، لتحقيق أهدافها الخاصة ، إضافة إلى ان تركيا ستتخذ ذلك وسيلة ضغط على الدول المجاورة لها ، والتي تواجهه مشاكل معها .
9- لم تتناسب المواقف العربية الإسلامية بعامة مع حجم ونوع التحالف القائم بين إسرائيل وتركيا ، وإذ غلب على المواقف العربية التنديد والشجب دون وضع الخطط المناسبة لذلك ، أو اتخاذ إجراءات عملية مناسبة .

الهوامش والتعليقات

1-Ihsan Gurkan," Turkish – Israeli Relations and the Middle East Peace Process” Turkish Review of Middle east stadies ,7,1993,p.191.
2- آلون ليآل ، تركيا في الشرق الأوسط : نفط وإسلام وسياسة ، ترجمه عن العبرية الدار العربية للدراسات والنشر والترجمة ، القاهرة ، 1999م ، ص 115 .
3- Neill  Lochery, " Israel and Turkey  :  Deeping  Ties  And Strategic  Implications 1995-1998 " , Israel Affairs, vol . 5, No . 1, Autuman 1998, p . 46 .م .
الوثائق السرية للمخابرات الأمريكية ، المخابرات الإسرائيلية ، ترجمة وإعداد مجدي نصيف ، الوطن العربي ، بيروت ، 1984م ، ص 68 .
4-  بشارة بحبح وليندا بتلر ، إسرائيل وأمريكا اللاتينية : البعد العسكري ، ترجمة أسامة البابا ، مؤسسة الدراسات الفلسطينية ، بيروت ، 1987م ، ص 17 .
5 خليل إبراهيم الناصري ، التطورات المعاصرة في العلاقات العربية التركية ، د . ن ، بغداد ، 1992  ، ص 204
Lochery , OP . Cit . , P . 46 .
7- وصال نجيب العزاوي " أبعاد التعاون العسكري التركي  الإسرائيلي ، دراسة في الدوافع والأهداف " ، دراسات إستراتيجية ( بغداد ) ، عدد 5 ، 1998م ، ص 259-260 .
8-هشام فوزي عبد العزيز ، " التقارب التركي من إسرائيل في التسعينيات : دراسة تحليلية للأسباب والعوامل التي ساعدت تركيا على التقارب من إسرائيل " ، بحث غير منشور ، ص 5-8-10 .
9-  M . Hakan Yavuz, " Turkish – Israeli Relations Through the lens of the Turkish Identity , Journal of Palestine Studies , vol . 27, No 1, Autuman 1997 , pp . 26 – 29 .                                  
10- Ihasan Gurkan , " Turkish – Israeli Relations and the Middle East Peace " , Turkish Review of the middle East Studies ( Ankra ) , 1993,PP . 133 – 136 .
11- George Gruen , " Dynamic Progress in Turkish – Israeli Relations " , Israel Affairs , vol . 1 No .4 , Summer 1995 , pp . 40 – 41 .
12- Robert Olson, " Turkey – Syria Relations Since the Gulf War , kurds and Water " , Middle East Polisy . vol . V, No .1 , 1997 , p . 179 .                                                                          
13- اوري لوبراني ، " العلاقات بين إسرائيل ودول الجوار المحيطة بالعالم العربي : تركيا وإيران وأثيوبيا " ، في ندوة الموقف الإسرائيلي من الجماعات الأثنية والطائفية في العالم العربي ، ترجمه عن العبرية الدار العربية ، الدار العربية ، القاهرة ، 1997 م، ص 11-21 .
14- العزاوي ، المرجع السابق ، ص 260-262 .
15- جريدة معريف الإسرائيلية 12/8/1993م ، ترجمة مؤسسة الأرض للدراسات الفلسطينية ، النشرة الأسبوعية للصحافة الإسرائيلية ،   8/8/1993م – 12/8/1993م ، عدد 32  ، 1998م ، ص 200 ، " مأمون كيوان " ، العلاقات الإسرائيلية- التركية "  ، مجلة الأرض ( دمشق) ، عد10 ، تشرين الأول / أكتوبر 1995م ، ص 69.
16- نزار آغري، " الاتفاق التركي  الإسرائيلي للتعاون العسكري والأمني " ، شؤون الأوسط  (بيروت) عدد 62، أيار/ مايو 1997م ، ص 109 . 
17- جريدة دافار الإسرائيلية 17/10/1994م- ترجمة مؤسسة الأرض للدراسات الفلسطينية ، الدورية السابقة ، عدد  41 ، 1994م ص 593 .
18- جريدة هارآتس الإسرائيلية 18/9/1995م – ، ترجمة مؤسسة الأرض للدراسات الفلسطينية ، الدورية السابقة   28/9/1995م ، ص 25 .
 19- دانيال بايبس ، " محور جديد : بروز الوفاق التركي  الإسرائيلي " ، البيان ( لندن) ، عدد ، 125 ، مايو1998م ، ص 112-121 ؛ إدجار أو بالانس " الارتباط الإسرائيلي  التركي " ، الحرس الوطني ( الرياض) ، عدد 197، سنة 20، كانو الأول / ديسمبر 1998م ، ص.60-62   .
20- Jennifer Washburn “ Power Bloc : Turkey and Israel  Lock   Arms, “ Progressive, 29   December 1998, p. 20; Alain Gresh Turkish –Israeli – Syrian ReLations and Their  Impact on the MiddLe East, MiddLe East JournaL, voL .  5, no. 2, Spring 1998 pp. 189-190; NicoLe Pope “ Expandiny Ties with Israel “ . MrMiddLe East Interna tional . No.579.17 JuLy 1998 . p.11.            
 21- فيليب روبنس ، في حلقة نقاشية حول التعاون التركي  الإسرائيلي  ، الباحث العربي ، عدد 47، أيار  حزيران 1998م ، ص 60-61 ؛ جلال معوض ، صناعة القرار في تركيا والعلاقات العربية  التركية ،مركز دراسات الوحدة العربية ، بيروت ، 1998م ، ص 221-224.
22- قيس محمد نوري ، " التحديات التي يفرضها التعاون العسكري - الإسرائيلي على الأمن القومي العربي " ، دراسات ، عدد 122 كانون الثاني  1998م ، ص 64 .
23-                                 Pope ,Turkey: Expanding Ties With IsraeL , Op .Ct. ,  P.11-21.
24- هشام فوزي عبد العزيز،  " دور التحالف التركي  الإسرائيلي في التصدي للنفوذ الإسلامي وعمليات الأكراد المسلحة في تركيا  "  ،  مجلة البصـائر – ( جامعـة البتـراء الأردنيـة ) ، م4 ،ع2 أيلول 2000،ص23-29 
25-                                                                                  Yavuz. Op. Cit ., p . 30.
26- NicoLe Pope ,”  Turkey,s GeneraLs Behind The IsraeL Axis,                      MiddLe East,16 No.550May . 1997 , P . 3 .                                                                                           International ,
رضا هلال، السيف والهلال : تركيا من اتاتورك إلى اربكان ،الصراع بين المؤسسة العسكرية والإسلام السياسي . دار الشروق ، القاهرة ، 1999م ، ص 179-180 .
27- بايبس ، المرجع السابق ، ص 114-115.
28- عبد العزيز ، دور التحالف التركي  الإسرائيلي ، المرجع السابق، ص 14-10 .
29- Peretz Kidron “  EncircLing Syria  “ , Middle East International, No.550, 16 May 1997, p. 4.
       جريدة معريف الإسرائيلية   30/4/1997م ، ترجمة مؤسسة الأرض للدراسات
الفلسطينية ، الدورية السابقة ، عدد18، 17/5/1997م ،  ص293 .
30- Kidron. Op. Cit., P. 4.
        هاراتس ، 9/12/1997م ترجمة مؤسسة الأرض للدراسات الفلسطينية ، الدورية
السابقة ، عدد 50 ، 17/12/1997م ، ص766-677
 
31 -                                               Lochery, O P . Cit . , P. 53 .
32- جريدة هاراتس   17/6/1998م   ، ترجمة مؤسسة الأرض للدراسات الفلسطينية ، الدورية السابقة،  عدد 43 ، 24/6/1998م   ، ص 343 .
33- جريدة معريف 15/12/1998م ، مجلة الأرض ( دمشق ) ، عدد 1، كانون الثاني 1999م ، ص 102 .
34- عبد العزيز ، دور التحالف التركي  الإسرائيلي ، المرجع السابق ، ص 3-8 ، 11-14 .
35-نفس المرجع ، ص 8-9 ، 14-18 .
36- Malik Mufti, “ Daring and Caution in Turkish  Foreign Policy “ , Middle East Journal ,                                                                              vol . 52 , No . 1 , Winter 1998 , PP . 33-34
37 Olson , Turkey – Syria Relations , Op . Cit . , P . 170-190; Gresh , OP . Cit . , PP . 188 –202
38  - عبد العزيز ، التقارب التركي من إسرائيل في التسعينيات ، المرجع السابق ، ص 13 .
39  - Olson , Turkey – Syria ,Op.Cit., PP . 107 – 190 . Gresh ; Op . Cit . , PP . 190 – 192 . Kidron , Op . Cit . , P . 4 ; Mufti ,Op Cit . , P . 35 .                                                                     
40-     افرايم عنبر ، " التعاون الاستراتيجي بين إسرائيل وتركيا " في تركيا وإسرائيل في شرق أوسط متغير ، حوارات حول قضايا الأمن القومي ، ترجمة الدار العربية ، الدار العربية ، القاهرة ، 1996م ، ص 62. 
41- عبد العزيز ، التقارب التركي من إسرائيل في التسعينيات ، المرجع السابق ، ص 12 .
42- Amikam Nachmani, "The Remarkable Turkish – Israeli Tie " , Middle    East , vol . v      ,No. 2 , 1998 , P . 25   .Quarterly      
43washburn , Op . Cit . ,  P . 21 .                                                                                                
44-Sabri Sayari, " Turkey and the Middle East in the 1990 s " , Journal of Palestine Studies , vol. xxvl, No. 3,1997,P. 49. Alan Makovsky," Israeli – Turkish Relations, A Turkish Periphery Stratege " , in Reluctant Neighbor Turkey,s Role in the Middle East , Henri T.Barkey ( editor ) , United State Institute of Peace Press , Washington , D.C, 1996, P. 154,.                            
45- Washburn , OP . Cit . , pp. 20-21 , Makovsky, Op. Cit ., p. 164 .
46- هشام فوزي عبد العزيز " التعاون " التركي- الإسرائيلي في مجال الإقليمي 1991-1998  " ، بحث مقبول للنشر في مجلة المنارة ، جامعة ال البيت ( المفرق – الأردن )  ، ص6 –27 .
47-                              Washburn Op . Cit. P . 23 , Makovsky. Op.Cit . , P . 152-156
 48- Yavuz , Op. Cit. , P.30.
49- ايان ليسر ، تركيا والغرب بعد حرب الخليج ، ترجمة ظافر قطمة ، الثقافة العالمية ( الكويت ) ، عدد 54أيلول 1992 ص 142-144 ؛ بوليك باشا ، المرجع السابق ، ص 36-38 .
50-                                                                              Lochery, Op.Cit ., p. 46
      بحبح وبتلر ، المرجع المذكور ، ص 3-12، اوبالانس ، المرجع المذكور ، ص61 .
51- راسم محمد قاسم ، " العلاقات العسكرية التركية  الإسرائيلية " ، تقديرات اسراتيجية ( القاهرة ) ، عدد 66 ، 15 كانون الاول 1997م ، ص 48 .
52-Washburn. Op . Cit. P. 19 , Lochery , OP. Cit . , P. 4 6 .                                                  
53                                                                   kidron, Op. Cit., P. 4.
54Makovsky , OP. Cit. , P.149; Robert Olson , " The Turkey – Israel Agreement and the kurdish question " , Middle East International , No. 526 , 24 May 1996 , P. 18 ; Washburn ,                      
                                       OP. Cit., P. 20, kidron, OP. Cit., P4.
55 لوبراني ، المرجع السابق، ص170-18 ،21 .
56                                       Olson, The Turkey – lsrael  
                                               Agreement, Op. Cit., P. 18.
               كيوان ، المرجع السابق ، ص 56-57.
57-         Lochery , OP. Cit., P. 46 , Olson , The Turkey – Israel Agreement , OP. Cit. , P . 8
هيثم الكيلاني ، " الاتفاق التركي  الإسرائيلي " ، الحرس الوطني ( الرياض ) . عدد 204 ،اكتوبر 1999م ، ص 33 .
58- عبد العزيز ، التعاون التركي  الإسرائيلي في المجال الإقليمي ، المرجع المذكور ، ص 16-25 .
59- Gurkan , Op . Cit . , P . 118 – 127 .                             
        عوني عبد الرحمن السبعاوي ، إسرائيل ومشاريع المياه التركية . مستقبل الجوار المائي العربي ، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية ،  1997م  ، ص 20-40 .
60  عزرا بنجو وغينجر اوزجان ، " التحالف التركي  الإسرائيلي : وجهة نظر باحثين إسرائيلي وتركي في الحلف القائم بين بلديهما " ، جريدة الحياة ، 13/9/1997م ، ص 19 .
61- بايبس ، المرجع السابق ، ص 120 .
62-Gresh , OP . Cit . , P . 199 .                         
63- ستيفن كينزر ، " تركيا تتجه نحو إقامة علاقات استراتيجية جديدة " هيرالد تربيون الدولية 29/12/1997م ، الترجمة العربية في مجلة النافذة ( الدمام ) ، عدد 2 ، مارس 1998م، ص 65 .
64- Arieh Osullivan, " Defens Ties With Turkey bolstered “ , The Jerusalem Post lnternational , December 9 , 1997 , P 4 .                                                                                            
65- Lochery , OP .  Cit. , P . 32. Gresh; Op. Cit ., P. 191; Pope,          Turkeys Generals behind Israel Axis, Op . Cit. , p. 3 .                                                                                                                 66- Osullivan, OP. Cit ., P . 4. كينزر ، تركيا تتجه نحو إقامة علاقات استراتيجية جديدة ، الدورية السابقة ، ص 65 ، جنكيز تشاندار ، " التقارب التركي  الإسرائيلي " ، شؤون الأوسط ( بيروت ) ، عدد 51 ، نيسان  آيار ، 1996م . ص 37 .
67-           Nachmani , OP . Cit . , P . 24 ; Yavuz, OP . Cit , P . 29 . 
68- لوبراني ، المرجع السابق ، ص 15.
69- نفس المرجع ، ص 18-19
70-                                                     Washburn Op . Cit . , p. 21.
       هاراتس 26/1/1998م ، ترجمة مؤسسة الارض للدراسات الفلسطينية ، المرجع السابق ، عدد  20، 20/1/1998م ، ص 33 .
71- سها بوليك باشا " تطور العلاقات بين تركيا وإسرائيل والدول العربية المجاورة " ، الباحث العربي ( لندن) عدد 48 ، تموز تشرين الأول 1998م ، ص 36.
 Lochery , Op. Cit. P.52 ,Olson ,  Turkey and Syria, Op. Cit. , P  169 . 180 .   
72 -هاراتس 14/3/1997م ، ترجمة مؤسسة الأرض للدراسات الفلسطينية ، الدورية
السابقة ، عدد 12 ، 26/3/1997م ، ص 102، معريف ، 21/10/1997م ، نفس الدورية ، عدد43، 28/10/1997م ، ص 710 ، هاراتس 25/10/1998م  عدد 43 ، 5/11/1998م ، ص 619 .
73- لوبراني ، المرجع السابق ، ص 15 ، 18-19 ، الكيلاني ، الاتفاق التركي الإسرائيلي ، المرجع السابق، ص30 .
74- هاراتس 25/10/1998م ، المرجع السابق ، ص 619  .
75-                           Olson, Turkey and Syria Op. Cit. P. 189-190 .
76- بايبس ، المرجع السابق ، ص 116.
77- إذاعة إسرائيل 23/4/1998م ، ورد في مجلة الأرض عدد 5، ايار 1998م ، ص98 .
78- خالد عبد الله  " العلاقات العسكرية التركية  الإسرائيلية : تعاون تسليحي وتدريبي أم تحالف استراتجي " ، تقديرات استراتيجية ، عدد 74-75 ، نيسان- ايار 1998م ، ص 33 .
79  هاراتس  20/4/1998م ، ترجمة مؤسسة الارض للدراسات الفلسطينية ، الدورية السابقة ، عدد 41، 27/10/1998م ، ص 20.
80- هاراتس 19/9/1997م  ، الدورية السابقة عدد 39، 21/10/1997م ، ص 50.
81- بايبس ، المرجع السابق ، ص 116 .
82- الكيلاني، الاتفاق التركي- الإسرائيلي ، المرجع السابق، ص 30 .
83- عبد العزيز ، دور التحالف  التركي  الإسرائيلي ، المرجع السابق ، ص15 بايبس ، المرجع السابق ، ص 116.
84-                      Olson, Turkey and syria op. Cit. P.180
       جريدة يديعوت احرونوت الإسرائيلية 21/2/1997م ، ترجمة مؤسسة الارض للدراسات الفلسطينية ، الدورية السابقة ، عدد 9 ، 5/3/1997م ، ص 142 .
85- عبد العزيز ، دور التحالف التركي  الإسرائيلي ، المرجع السابق ، ص 15-17 ، بايبس، المرجع االسابق ، ص 116 .
           Olson , Turkey and Syria .Op. Cit . , p.180 .
86- عبد الله ، المرجع السابق ، ص34 .
87- نفس المرجع .
88- كيوان ، المرجع السابق ، ص 69 ، جريدة الرأي الأردنية " العلاقات الإسرائيلية التركية تطل من تحت الرماد " الرأي 27/1/1994م ،  ص 15 .
89- كيوان ، المرجع السابق ،  ص 69 - 86 .
90- الرأي الاردنية ، المرجع السابق ، ص 15.
91- هاراتس 23/10/1994م ، ترجمة مؤسسة الارض للدراسات الفلسطينية ، الدورية السابقة ، عدد 43 ، 1/11/1994م ، ص 27 .
92- دافار 20/2/1995م المرجع نفسه ، عدد 8 ، 27/2/1995م ، ص  140  .
93- معن الحلقي ،  " الصادرات العسكرية الإسرائيلية في التسعينيات  " مجلة الأرض ، عدد 9 أيلول 1996م ، ص 27.
94 Lochery , Op. Cit, Pp. 49- 50. Olson , Turkey Syria ReLations, Op. Cit . ,  p. 179.
95- آغري ، المرجع السابق، ص 110 ، يديعوت احرونوت 25/3/1996م ، ترجمة مؤسسة الأرض للدراسات الفلسطينية ، الدورية السابقة ، عدد 13، 2/4/1996م ، ص 237.
96- بايبس ، المرجع السابق ، ص 115 ، الحلقي ، المرجع المذكور ، ص 27.
97- Yavuz, Op. Cit ., p. 29.                                                      
98-                                                      Osullivan , Op. Cit ., p. 4
       معوض ، صناعة القرار في تركيا، المرجع السابق ، ص 223.
99- هلال ، المرجع السابق ، ص 191 .
100- أو بالانس ، المرجع السابق ، ص 60 .
101-                Gresh  Op. Cit.,  P. 191, Osullivan, Op. Cit. , P.4.
102-        Washburn Op. Cit . , p. 21, Nachmani,  Op. Cit. , P. 24 .
         هاراتس25/10/1998م  –، ترجمة مؤسسة الارض للدراسات الفلسطينية ، الدورية السابقة ، عدد42، 5/11/1998م  ص619  .
103-                                                      Nachmani, Op. Cit .p. 24.
          بايبس ، المرجع السابق، ص 115 .
104- بوليك باشا ، المرجع السابق ، ص 36 .
105- عبدالله ، المرجع السابق ، ص 40 ، راسم ، المرجع السابق ، ص 50 .
106-Lochery, OP . Cit . , P . 54 .
107- هلال ، المرجع السابق ، ص 179 .
108-                                                Nachmani , OP . Cit . , P . 25 .  
109-                                             Washburn , OP . Cit . P . 20 .
110-                                     Lochery , OP . Cit . , PP . 5O – 51 .
111-            Yavuz , OP . Cit . , P . 29 .      هاراتس 19/5/1997م - ، مؤسسة الأرض للدراسات الفلسطينية ، المرجع المذكور ، عدد 21 ، 28/5/1997م ، ص 542 .
 112-                                             Nachmani , OP . Cit . , P . 25 .
         بوليك باشا ، المرجع السابق ، ص 636 ، معوض ، صناعة القرار في تركيا ، المرجع السابق ، ص 54   .
113-                                            Lochery , OP . Cit . , P . 52 .
114-                                             O,sullivan, OP . Cit . , P . 4 .
115-                                                  Washburn , OP . Cit . , P . 21.  
116-        Nachmani , OP . Cit . , PP . 25 – 26 , Gresh , OP . Cit . , P . 191 .
117- يديعوت أحرونوت 15/7/1997م ، ترجمة مؤسسة الأرض للدراسات الفلسطينية ، الدورية السابقة ، عدد 23 ، 27/7/1997م ، ص 23 ، راسم ، المرجع السابق ،
ص 50 .
118- جريدة الرأي 28/11/1997م ، ص 1 ، جريدة الجزيرة ( الرياض ) السعودية 28/1/1997م . ص 1
119-                                           Nachmani , OP . Cit . , P . 26 .
120- هلال ،  المرجع السابق ، ص 181 .
121- معوض ، صناعة القرار في تركيا ، المرجع السابق ، ص 254 .
122- جريدة الدستور الأردنية ( عمان ) 28/7/1998م ، ص 1 ، 19 .
123-                                                Osullivan, OP . Cit . , P . 5 .  
124- محمد توفيق جراد " ملف الأرض  شهر حزيران 1994م ، مجلة الأرض " ، عدد 7 ، تموز 1994م ، ص 111
125- هاراتس 17/6/1994م ، ترجمة مؤسسة الأرض للدراسات الفلسطينية ، المرجع السابق ، عدد 25 ، 28/6/1994م، ص 366 . 
126- آغري ، المرجع السابق ، ص 112-117 .
127-                                                Nachmani , OP . Cit . ,P . 2 4.
128- John king , " Turkey and Israel ", Middle East International , No. 524, 26 April 1996 , P . 1.
129- يديعوت احرونوت 11/6/1996م ، ترجمة مؤسسة الأرض للدراسات الفلسطينية ، الدورية السابقة ، عدد 43 ، 29/10/1996م   ، ص 792 .
130                                                     Nachmani , Op . Cit . , P. 24
131- معريف 1/11/1996م ، الدورية السابقة ، عدد 45 ، 13/11/1996م ،
ص 831
 .
132- يديعوت احرونوت 20/12/1996م ، نفس الدورية ، 2/12/1996م - 26/12/1996م ، ص 966
133- راسم ، المرجع السابق ، ص 50 .
134- هاراتس 21/4/1998م ، وردت في مجلة الأرض ، عدد 5 ، ايار 1998م ، ص 98.
135- معريف 14/7/1998م  ، نفس الدورية، عدد 8 ، آب 1998م  -  ص 108.
136- بايبس ، المرجع السابق ، ص   116 ؛ راسم ، المرجع السابق ، ص 50 .
137- King , OP . Cit . , P . 11  ; Nachmani , OP . Cit . , P . 24 . 138- بايبس ، المرجع السابق ، ص 116 .
139- Nachmani , OP . Cit . P . 24  ;Olson , Turkey - Syria         
                                               Relations, OP . Cit . , P . 17 .
  معريف 31/3/1997م  ، ترجمة مؤسسة الأرض للدراسات الفلسطينية ، المرجع السابق ،
عدد 14
 ، 8/4/1997م ، ص 238 .
140- اوبالانس ، المرجع السابق ، ص 60.  هاراتس 9/4/1997م ، مجلة الأرض . عدد
5 ، ايار 
1997 1997م ، ص 117 .
141- نفس الجريدة ، 2/5/1997م ، ترجمة مؤسسة الأرض للدراسات الفلسطينية ، الدورية السابقة ،عدد 19 ، 14 / 5 / 1997  ، ص 34 .
142- نفس الدورية .
143- نفس الدروية ، 18/6/1997م ،  الدورية السابقة ، عدد 25 ، 25/6/1997م ، ص 410 
144- بايبس ، المرجع السابق ، ص 116 ، معوض ، صناعة القرار في تركيا ، المرجع السابق ، ص 232 .
145- هاراتس ، 14/5/1997م ؛ في مجلة الأرض عدد 6 ، حزيران 1997م ،
ص 87-88
 .
146- Lochery , OP . Cit . , P . 54.                                                   
بوليك باشا ، المرجع السابق ، ص 19 ، اوبالانس . المرجع السابق ، ص 12 .
147- هاراتس 17/12/1997م ، ترجمة مؤسسة الأرض للدراسات الفلسطينية ، الدورية السابقة ، عدد5 ، 24/12/1997م - ، ص 780 ؛ الدورية السابقة 8/1/1998م، يديعوت احرونوت 7/1/1998م ، الدورية السابقة ، عدد 1 ، 14/1/1998م ،
ص 16 .
148-                                                           Gresh, OP . Cit ., P . 18 .
149- هاراتس ، 14/9/1998م ، ترجمة مؤسسة الأرض للدراسات الفلسطينية ، الدورية السابقة . عدد 36 ، 22/9/1998م ، ص 538 .
150- نفس الجريدة 25/1/1994م  ، الدورية السابقة ، عدد 4 ، 1/2/1994م ،
ص 58-59 . 
151-                                                      Lochery , OP . Cit . , P . 48 .
152- راسم ، المرجع السابق ، ص 48 .
153- معوض  ، صناعة القرار في تركيا ، المرجع السابق ، ص 233 ؛ هلال ، المرجع السابق ، ص 179-181؛  هاراتس 10/3/1996م ، ترجمة مؤسسة الأرض للدراسات الفلسطينية ، الدورية السابقة 19/3/1996م - ، ص 196 .
154- Osullivan , OP . Cit. , P . 4 .                                                      
         اوبالانس ، المرجع السابق ، ص 61 . بايبس ، المرجع السابق ، ص 115  . هلال ، المرجع السابق ، ص179-181 .
155- هاراتس 18/9/1995م ، في مجلة الأرض ، عدد 10 ، تشرين الأول 1995م ،
ص 106 .
156- نفس الجريدة ، 1/5/1997م ، في الدورية السابقة ، ص 311 .
157- نفس الجريدة 23/12/1997م ، ترجمة مؤسسة الأرض للدراسات الفلسطينية ، الدورية السابقة ، عدد 52 ، 31/12/1997م ، ص 795 .
158- نظيره محمود خطاب ، " نوع وحجم الاسناد العسكري التركي - الإسرائيلي في حالة وقوع مواجهه عسكرية مع سوريا " ، تقديرات استراتيجية ، عدد 54-55 ، حزيران 1997م ، ص 18 .
159- هلال ، المرجع السابق ، ص 183 .
160- عبدالله ، المرجع السابق ، ص 43 .
161- هاراتس 11/12/1997م ، ترجمة مؤسسة الأرض للدراسات الفلسطينية ، الدورية السابقة ، عدد50 ، 17/12/1997م ، ص 767 .
162-                                                      Lochery , OP . Cit ., P . 52 .
163-                                           Nachmani , OP . Cit . , PP . 25- 26 .
164- يديعوت احرونوت 6/7/1997م   ترجمة مؤسسة الأرض للدراسات الفلسطينية ، الدورية السابقة ، عدد 28 ، 16/7/1997م ، ص 654 .
165- محمد توفيق جراد ، " ملف الأرض ، آخر تطورات الأوضاع في الكيان الصهيوني والمناطق المحتلة . أيلول 1995م " ، مجلة الأرض ، عدد 10 ، تشرين أول 1995م ،
ص 106
 .
166-                                                   Nachmani , OP . Cit . , P . 26 .
167- هاراتس `25/11/1993م–، ترجمة مؤسسة الأرض للدراسات الفلسطينية ، الدورية السابقة عدد46 ، 28/11/1993م  ، ص 647 .
168- دافار 28/1/1994م  ، مؤسسة الأرض للدراسات الفلسطينية ، الدورية السابقة . عدد 4 ، 21/2/1994م ، ص 18-19 .
169- عبد العزيز ، دور التحالف التركي  الإسرائيلي ، المرجع السابق ، ص 11 .
170-Makovsky , OP . Cit . , P . 150 .                                                  
171-                                            Gresh , OP . Cit . , PP . 189 - 190 .
172-يديعوت احرونوت 1/3/1996م  ، ترجمة مؤسسة الأرض للدراسات الفلسطينية ، الدورية السابقة ،14/3/1996م . ص 167 .
173-هاراتس 14/8/1996م ، في صورة إيران في الأعلام الإسرائيلي ، ترجمة صلاح عبدالله، مركز الدراسات الاستراتيجية والبحوث ، بيروت ، 1997م ، ص 22 .
174-OLson , Israeli – Turkish Relations , OP . Cit . , P . 180 .                                                     
175-                                                     Lochery , OP . Cit . , P . 51 .
176-عبد العزيز ، دور التحالف التركي  الإسرائيلي ، المرجع السابق ، ص – 12 – 13 ، 16- 18 .
177-معريف 23/3/1995م ، ترجمة مؤسسة الأرض للدراسات الفلسطينية ، الدورية السابقة، عدد 12 ، 27/3/1995م ، ص 20 .
178-عبد العزيز ، دور التحالف التركي  الإسرائيلي ، المرجع السابق ، ص 17 .
179-نفس المرجع ، ص   12-14 .
180-نفس المرجع ، ص 18  16  ، بايبس ، المرجع السابق ، ص 116 .
181-لوبراني  المرجع السابق ، ص 18 .
182-يوسي ملمان ، " خبراء اسرائيليون ساعدوا تركيا في مكافحة حركة المتمردين الأكراد " ، هاراتس17/2/1999م ،ترجمة عربية في مختارات إسرائيلية (القاهرة) ، عدد 51 ، 1999 - ، ص 34 .
183- Washburn , OP . Cit. , P . 212 ; Yavuz , OP . Cit . , P28 ; Olson , The Turkey Israeli Agreement , OP . Cit. , PP . 18 – 19 ; John Donnelly and Miami Herald , Israel – Turkey           Ties , The Dallas Morning , August 11. 1996 .          
184-Pope, Turkey Expanding Ties With Israel , OP . Cit , P . 11 .
185-لوبراني ، المرجع السابق ، ص 18 .
186-Lochery , OP . Cit . , P . 51 , Nachmani , OP . Cit , P . 25 .
187-لوبراني ، المرجع السابق ، ص 61 راسم ، المرجع السابق ، ص 50 .
188-بايبس ، المرجع السابق، ص 116 .
189-آغري ، المرجع السابق ، ص 110 .
190-عبد العزيز ، التعاون التركي  الإسرائيلي في المجال الاقليمي ، المرجع السابق ، ص 23-24 .
191-Makovsky , OP . Cit . , PP . 158 – 159 .                                    
192-                                                                       Ibid ., P . 154 .
193-آغري ، المرجع السابق ، ص 109 .
194-هاراتس 1/5/1997م ، ترجمة مؤسسة الأرض للدراسات الفلسطينية ، الدورية السابقة، عدد 8 ، 7/5/1997م، ص 292-293 .
195-يديعوت احرونوت 17/2/1997م ، نفس الدورية ، عدد 2 25/2/1997م ،   ص 24 
196-ستيفن كينزر ، " أصدقاء تركيا أصدقاء جدد " ، نيويورك تايمز 28/12/1997م ، ترجمة عربية في مجلة النافذة ، عدد 1، فبراير 1998 ، ص 73 .
197-كينزر ، تركيا تتجه نحو إقامة علاقات استراتيجية جديدة ، المرجع السابق ، ص 66  .
198- راسم ، المرجع السابق ، ص 49-50 .
199-عنبر ، المرجع السابق ، ص 31 .
200-تعقيب غيث ارمنازي مدير مكتب جامعة الدول العربية في بريطانية على بحث بوليك باشا، " يخاطر العرب اشد مخاطرة أن تجاهلوا الرسالة التي يقدمها البحث "، الباحث العربي ، عدد 48 ، نيسان 1998م ، ص45.
201-عبد الله ، المرجع السابق ، ص 43 .
202-هاراتس 26/2/1997م ، ترجمة مؤسسة الأرض للدراسات الفلسطينية ، الدورية السابقة، عدد 9 ، 5/3/1997م ، ص 42 .
203-                                         Washburn , OP. Cit. , PP . 20 – 21 .
         بايبس ، المرجع السابق ، ص 121 . بنجو واوزجان ، المرجع السابق ، ص 19 . معوض، صناعة القرار في تركيا، المرجع السابق ، ص 255-256 .    
204-                                                       . Gresh, Op.Cit.,P.189
205- بايبس ، المرجع السابق، ص120 .
206- نفس المرجع .
207-         . Dialy Digest , 13 May 1997  New Alliances that Could Reshape,  The Mideast
208-                                                         Washburn , Op.Cit., P.23.
209-                          New Alliances that Could Reshape , OP. ,Cit.
210- نوري ، المرجع السابق ، ص 10-11 .
211- خطاب ، المرجع السابق ، ص 16-24 .
212- بايبس ، المرجع السابق ، ص 121 .
213-                                             . Washburh, OP.Cit., PP. 20-21
214- عبدالعزيـز ، التعاون التركي الإسرائيلي في المجال الأقليمي ، المرجع السابق ، ص 16-25، الكيلاني ، الاتفاق التركي الاسرائيلي ، المرجع السابق، ص 33 .
215- العزاوي ، المرجع السابق ، ص 358-359 .
216- عبدالعزيـز ، التعاون التركي  الاسرائيلي في المجال الاقليمي ، المرجع السابق ، ص25-26.
217-     World News , Turkish – IsraeLi U.S Search and Rescuce
                                                   Upsets Neighbors , 7 January 1999
218- هاراتس 2/5/1997م ، ترجمة مؤسسـة الارض للدراسات الفلسطينية ، الدورية السابقة، عدد 9، 14/5/1997م ، ص 80 .
219-                                                             Kidron, Op.Cit., P.4.
220- معوض ، صناعة القرار في تركيا ، المرجع السابق ، ص 255 ، ياسر خطاب ، "العلاقات الايرانية التركية بين محفزات التطور ومعوقات التراجع" ، تقديرات استراتيجية ، عدد 43-44 ، كانون الثاني 1997، ص 134 .
221-                     Olson, Turkey- Syria Relations, OP.Cit.  , P. 83 .
         نور الدين ، تركيا في الزمن المحول ، المرجع السابق ، ص 278.
222-        Olson , Turkey – Syria Rolations, Op . Cit . , p . 183 .        
223  Mufti, Op . Cit . , p . 35 , Olson , Turkey – Israeli . Agreemant, p . 2                                  224-               Robert Olson, “ An Israeli – Kurdish Conflict " Middle East International , No . 529 , 5 July 1996 , p . 17 ; Turkey – Syria Relations, Op . Cit . , p . 183 ; Gresh, Op . Cit , p . 193 ; Thomas Friedman , Israelis and Turks from Military Alliance Against the     
                                            Arabs , NewYork Times , June 16 , 1996 .
225- نور الدين ، تركيا الجمهورية الحائرة ، المرجع المذكور ، ص 210 ؛ جلال عبداللة معوض ، العلاقات الإقتصادية العربية – التركية ، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية ، أبوظبي، 1999 ، ص 66 ، وإبراهيم نافع في حديث مع الرئيس سليمان ديميريل ، الحياه 24/7/1999م ، ص 10 ، عوديد جرانوت ، " المسألة الكردية ضربة قاسمة للحركة السرية " ، معريف ، 17/2/1999م ، مختارات إسرائيلية ، عدد 4 ، ابريل 1996، ص 50 .
226-                                                 Washburn , Op . Cit . , p . 21 .
          اوبالانس ، المرجع السابق ، ص 62 .
227 – هيثم الكيلاني ، تركيا والعرب : دراسة في العلاقات العربية – التركية ، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية ، أبوظبي ، 1996 ، ص 47-48 .
228 – هاراتس 11/4/1996م ، مجلة الأرض ، عدد 5 ، ايار 1996م ، ص 102 - 103 .
229 – الكيلاني ، تركيا والعرب ، المرجع السابق، ص 47-48 .
230 – يديعوت احرونوت 1/4/1996م ، مجلة الأرض ، عدد 5 ، ايار 1996م - ، ص 103 .
231 – اوبالانس ، المرجع السابق ، ص 60 .
232 – بايبس ، المرجع السابق، ص 119 .
233 – عثمان كامل ، " التداعيات الإستراتيجية لإنضمام الأردن للتعاون العسكري التركي – الإسرائيلي ، تقديرات إستراتيجية ، عدد 66 ، 15 كانون الأول 1997م ، ص 3 - 8 ؛ بايبس ، المرجع السابق ، ص 121 ، جريدة الرأي 17/7/1999م ، ص  20 – 21 ؛ آلون ليئال ، " التحالف الإسرائيلي التركي : محور اقليمي هش " ، هاراتس ، 6/9/1998م ، مختارات إسرائيلية ، عدد 46 ، اكتوبر 1998م ، ص 24 .
234- بنجو وارزجان ، المرجع السابق ، ص 19 ؛ الكيلاني ، الإتفاق التركي – الإسرائيلي ، المرجع السابق ، ص 33 ؛ نوري ، المرجع السابق ، ص 11 ؛ معوض ، صناعة القرار في تركيا ، المرجع السابق، ص 262 - 265 .
235- الكيلاني ، الاتفاق التركي الإسرائيلي ، المرجع السابق ، ص 31 .
          Nachmani , Op . Cit . , pp . 27 – 28 ; Pope , Turkey,s  
                 Generals behind the Israel Axis, Op . Cit .  , p . 3
236 -                                     Sayari , Op . Cit . , pp . 49 – 50 .
           معوض ، صناعة القرار في تركيا ، المرجع السابق، ص 242 .
237                                                   King , Op . Cit . , p . 11 .
238- بوليك باشا ، المرجع المذكور ، ص 37 .
239- Washburn , Op . Cit . , p . 21 . Sayari , Op . Cit . , pp . 49
240-سيد عبد المجيد ، " تركيا – الأردن ومزيد من التعاون العسكري " ، الأهرام ،  25/5/1999م ، ص 6 
241- الكيلاني  الاتفاق التركي  الإسرائيلي ، المرجع السابق ، ص 31 .
242                                                Sayari , Op . Cit . , pp . 49 – 50 .
            عبد المجيد ، المرجع السابق ، ص 6 .
243- Turkey Criticized Over Military Cooperation With  Israel , Combind dispatches : http / Me . times . Com Issue 50 .
      اوبالانس ، المرجع السابق ، ص 62 ؛ بركات حديد ، " مسألة المياه والعلاقات مع دول الجوار " ، معلومات دولية  ( دمشق ) عدد 56 ، ربيع 1998م ، ص 128 - 129 ؛ قاسم ، المرجع السابق ، ص 45  
244-                                             Lochery , Op . Cit . , pp . 55 – 56 .
          بوليك باشا ، المرجع السابق ، ص 31 .
245- معوض ، صناعة القرار في تركيا ، المرجع السابق ، ص  242 .
246- Sayari, Op . Cit ., pp . 49 – 50; Washburn, Op . Cit. , p . 21 .
247- معوض ، صناعة القرار في تركيا ، المرجع السابق، ص 268 .
248 – بوليك باشا ، المرجع السابق ، ص 37 .
249- معوض ، صناعة القرار في تركيا ، المرجع السابق، ص 257-259 .
250- Nachmani , Op . Cit . , pp 27 – 28 ;  Pope  , Turkey,s  
               Generals behind the Israel Axis, Op . Cit . , p . 3 .
251-                                            shburn , Op . Cit . , p . 23 .
252-                                              King , Op . Cit . , p . 23 .
253- معوض ، صناعة القرار في تركيا ، المرجع السابق ، 333-238 .
254- بوليك باشا ، المرجع السابق ، ص 36 ، الكيلاني ، تركيا والعرب ، المرجع السابق ، ص 44 .
255-            Olson , Turkey – Syria Ralations , Op . Cit . , p . 194 .
256- معوض ، صناعة القرار في تركيا ، المرجع المذكور ، ص269 .
257- بوليك باشا ، المرجع السابق ، ص 37 .
258– لورد ، " العقدة التركية " ، يديعوت احرونوت 13/11/1998م ، مختارات إسرائيلية ، عدد 48 ، ديسمبر 1998م ، ص 43 .
259- هاراتس 12/6/1996م ، ترجمة مؤسسة الأرض للدراسات الفلسطينية ، الدورية السابقة ، عدد 14 ، 17/6/1996م ، ص 433 .
260 Olson , The Turkey – Israel Agreement , Op . Cit . , p . 180 .
261-                                                 King , Op . Cit . , pp . 11 – 12 .
262-                                                     Friedman , Op . Cit . , p . 6 .
          الكيلاني ، تركيا والعرب ، المرجع السابق ، ص 44 .
263- بوليك باشا ، المرجع السابق ، ص 37 .
264-BBC News Online , Despatche , Iran Condemers Naval   
                                              Exercises , Januany 1998 .          
http . / WWW / bbc News . org . Low / end Lin / despathes News 44ooo / 4489 .6 stm .             
265- بايبس ، المرجع السابق ، ص 120 .
266- معوض ، المرجع السابق ، ص 242-243 .
267- بوليك باشا ، المرجع السابق ، ص 36-37 .
Pope , Turkey,s Generals behind the Israel Axis, Op . Cit . , p . 3   
268-                  New Alliance that Could Reshape , Op . Cit . ,  P.4
269- بوليك باشا ، المرجع السابق ، ص 37 ، معوض ، صناعة القرار في تركيا ، المرجع السابق، ص 268
270- بايبس ، المرجع السابق ، ص 120 .
271- علي عبد الهادي الدليمي ، " العلاقات الاقتصادية التركية – الإسرائيلية وأثرها في الأمن الاقتصادي العربي " الحكمة ( بيت الحكمة / بغداد ) ، عدد 6 شباط 1999م ، ص 120 .
272- آغري ، المرجع السابق ، ص 109 .
273- مجدي الحسيني ، مقابلة مع اسماعيل جيم وزير خارجية تركيا ، الأهرام 20/3/1999م ، ص 7 .






خفايا وأسرار التعاون العسكري والأمني والاقتصادي بين تركيا وإسرائيل 60 عام من التعاون الوثيق وتبادل المعلومات 

د . سمير محمود قديح 


بدأ نفوذ اليهود في تركيا في أوائل القرن العشرين، وقد لعبت الصهيونية مع القوى الأوروبية الكبرى دورًا مؤثرًا في تقوية الاشتراكية التركية وانهيار الامبراطورية العثمانية. وقد أصبح لليهود نفوذ كبير في أركان الحكومة التركية. وعلى الرغم من معارضة تركيا لتقسيم فلسطين عام 1947 إلا أنها كانت أول دولة إسلامية تقيم علاقات رسمية مع إسرائيل في 28 مارس 1949، كما عقدت مع إسرائيل اتفاقية تجارية سنة 1950 واتفاقية شحن وتفريغ بين الدولتين سنة 1951. وبعد عضوية تركيا في حلف الناتو أصبح حضورها رسميًا في المعسكر الغربي تحت زعامة أمريكا, وأصبحت سياستها الشرق أوسطية تقترب للأيديولوجية الأمريكية. وعلى هذا الأساس قررت توسيع وتعميق علاقاتها مع إسرائيل موضع النظر. وقد سافرت تانسو تشيللر رئيسة وزراء تركيا السابقة إلى إسرائيل للمرة الأولى سنة 1994 وهيأ ذلك المجال لعقد اتفاقيات سياسية أمنية، وأقرت هذه الاتفاقيات عقب زيارة قام بها وفد أمني وسياسي واقتصادي رفيع المستوى؛ وذلك للارتقاء بمستوى العلاقات والاتصالات في العاصمتين, وقد طرح في بداية محادثات الطرفين عقد اتفاقيات عسكرية وأمنية لأول مرة من جانب 'إسحاق رابين' في عامي 94 ، 1995 وتبع ذلك توقيع اتفاقيتين سريتين في شهري فبراير وأغسطس 1996 من جانب الطرفين. وقد قال رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي اغتيل 'إسحاق رابين': إن أهم هدف من عقد اتفاقيات سرية مع تركيا هو حفظ توازن القوى في منطقة الشرق الأوسط. 

- الاتفاقية الأمنية العسكرية سنة 1996 بين تركيا وإسرائيل: 

كان مفهوم الاتفاقية الأمنية 'أنقرة- تل أبيب' غامضًا لكثير من دول العالم وشعوب المنطقة وأيضًا كان توقيع هذه الاتفاقية مخالفًا للقانون، فقد تمت دون موافقة لجنة الشئون الخارجية للبرلمان التركي وربما كان إخفاء ذلك يرجع إلى الأبعاد الأمنية في نقاط هذه المعاهدة. جدير بالذكر أن هذه الاتفاقية كانت متزامنة مع علو الأصولية الإسلامية وفوز حزب الرفاة الإسلامي بزعامة 'نجم الدين أربكان', وقد أعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية في بيان لها في 18 مارس 1996 (أنه قد تم الاتفاق بين تركيا وإسرائيل في مجال المناورات والتدريبات المشتركة وإجراء حوار استراتيجي بين الدولتين) وفيما يلي بعض ما جاء في المعاهدة الاستراتيجية بين تركيا وإسرائيل: 

1- خطة لتجديد 45 طائرة f - 4 بقيمة 600 مليون دولار، تجهيز وتحديث 56 طائرة f - 5، صناعة 600 دبابة m - 60 , خطة لإنتاج 800 دبابة إسرائيلية 'ميركاوه', وخطة مشتركة لإنتاج طائرات استطلاع بدون طيار، وخطة مشتركة لإنتاج صواريخ أرض جو 'بوبي' بقيمة نصف مليار دولار بمدى 150 كم. 

2- تبادل الخبرة في تدريب الطيارين المقاتلين. 

3- إقامة مناورات مشتركة برية- بحرية- جوية. 

4- تبادل الاستخبارات (المعلومات) الأمنية والعسكرية بخصوص المشاكل الحساسة مثل الموقف الإيراني والعراقي والسوري.. 

5- إقامة حوار استراتيجي بين الدولتين. 

6- التعاون الاقتصادي (تجاري صناعي, والعسكري). 



عقود التسلح والمناورات العسكرية المشتركة كانت ولا زالت في صلب علاقات التبادل بين تركيا وإسرائيل وفي مؤشر إلى هذا التعاون العسكري, وكان البلدان وقعا اتفاق تعاون عسكري في العام 2006 أعطى إشارة الانطلاق لما وصف بأنه شراكة إستراتيجية ما أدى الى حصول اسرائيل على عقود بيع اسلحة وصيانة تجهيزات لتركيا.

وكلفت شركات اسرائيلية تحديث حوالي مئة مقاتلة من نوع اف-4 واف-5 تركية في عقد بلغت قيمته حوالى 700 مليون دولار كما باعت تركيا صواريخ وتجهيزات الكترونية.

وفي العام ,2002 فازت الصناعات العسكرية الاسرائيلية بعقد بقيمة 668 مليون دولار لتحسين 170 دبابة من طراز ام-60 يفترض ان ينتهي تسليمها في شباط بحسب وكالة صناعات الدفاع التركية.

وهناك عقد اخر قيمته 183 مليون دولار يتعلق بتسليم عشر طائرات بدون طيار وتجهيزات مراقبة في اطار تعاون تقوم به صناعات الطيران الاسرائيلية.

والمشروع الذي اطلق في العام 2005 شهد تاخيرا لاسباب تقنية وسياسية لكنه على وشك الانتهاء.

ووقعت عقود اخرى بشكل سري فيما قدر خبراء في مجال الدفاع بان عقود الاسلحة في العام 2007 فقط شكلت 69% من قيمة التبادل التجاري بين البلدين البالغ 2,6 مليار دولار.

وقدمت تركيا من جهتها للطيران الاسرائيلي فرصة التدرب في صحراء الاناضول الشاسعة في اطار مناورات مشتركة.كما قامت بحريتا البلدين بمناورات مشتركة.

وفي العام ,1999 كان الجيش الاسرائيلي اول من قدم المساعدة لضحايا الزلزال الذي ضرب شمال غرب تركيا كما قدم عددا من المنازل الجاهزة اطلق عليها اسم القرية الاسرائيلية.

وتكثف التبادل الاقتصادي والثقافي ايضا ودرس البلدان امكانية نقل المياه من جنوب تركيا الى اسرائيل في مشروع تم التخلي عنه في العام 2006 بسبب كلفته العالية.



وللعلاقات التركية ـ الإسرائيلية وجه ازدهار بعناوين ثلاثة: مشروع أنابيب السلام، واتفاق التعاون الاستراتيحي، واتفاق التجارة الحرة.

يتلخّص مشروع «أنابيب السلام» في إقامة محطة بمنطقة شلالات مناوجات التركية لتزويد إسرائيل بكمية 50 مليون طن سنوياً من المياه لمدة 20 عاماً. ويستند المشروع إلى ضخّ المياه في أنابيب برية عبر الأراضي السورية، ثم دخولها إلى شمال لبنان أو شمال شرق الأردن، وبعدها إلى الأراضي الفلسطينية، أو نقلها بحراً إلى الساحل الإسرائيلي في حال عدم توقيع اتفاقية سلام بين إسرائيل وكل من سوريا ولبنان. وتشير مصادر إلى انتهاء بناء المحطة التركية، مع بقاء تنفيذ المشروع معلقاً. مشروع تبلغ تكلفته نحو مليار دولار، ووُقِّعَ في عهد أجاويد، علماً بأن أوزال بدأ يتحدث عنه منذ 1991 بقوله المشهور «مثلما يبيع العرب البترول، يجب على تركيا أن تبيع بترولها، أي المياه». وقد تمّ التوقيع على الاتفاق في آب 2002، أي قبل شهرين فقط من وصول «العدالة والتنمية» إلى الحكم في 3 تشرين الثاني من ذلك العام.

أما العنوان الثاني، فهو اتفاق التعاون الاستراتيجي في شباط 1996 مع ملحق له في آب من العام نفسه (في عهد تانسو تشيلر). كان موجهاً ضد أعداء تركيا الأمس، الذين باتوا أصدقاء فوق العادة اليوم، وبالتالي فالأسباب الموجبة لهذه العلاقة الأمنية الاستراتيجية أصبحت شبه باطلة. وينصّ الاتفاق على وضع آلية مشتركة لمواجهة الأخطار المشتركة (الآتية من سوريا والعراق وإيران) من خلال منتدى أمني للحوار الاستراتيجي بين الدولتين ومن خلال أنشطة استخبارية مشتركة ونصب أجهزة تنصّت في جبال تركيا. كذلك نص على مناورات مشتركة يسمح فيها باستعمال أجواء الدولتين عسكرياً، وعلى تدريبات مشتركة للجيشين، وعلى حق المقاتلات الإسرائيلية باستعمال القاعدتين الجويتين التركيتين قونيا وإنجرليك.

وظهرت الحماسة التركية لهذا الاتفاق من خلال سرعة تطبيق بنوده. وجرت أول مناورة جوية ثنائية في منتصف عام 1996 فوق وسط الأناضول.ولا ضرورة للتوقف طويلاً أمام الحاجة المزمنة للدولة العبرية لـ«المجال الحيوي» (نسبة إلى ضيق مساحتها وكثافتها السكانية وإحاطتها بدول الطوق)، وقد وجدت هذا المجال في تركيا الشاسعة، وتركيا الموقع الاستراتيجي الممتاز (عسكرياً وسياسياً).

يضاف ذلك إلى صفقات التسلّح الضخمة التي زوّدت بها إسرائيل، الجيش التركي، ما جعل تركيا السوق العسكرية الكبرى للصناعة العسكرية الإسرائيلية. واللافت أن أي تأخير في العلاقات العسكرية بين الدولتين كان يحصل على خلفية عقبات مالية تركية. أما اليوم فاختلفت الأمور، إذ أصبح التعاون العسكري في خدمة السياسة، ونتيجة السياسة، لا نتيجة لنقص التمويل ولا لعجز الموازنة.أما بالنسبة إلى اتفاق التجارة الحرة الذي وقّعه سليمان ديميريل في أول زيارة لرئيس تركي إلى إسرائيل عام 1995، فأوجب: ـ إزالة الحواجز الجمركية بين الدولتين. أن يصل حجم التبادل التجاري بينهما إلى ملياري دولار خلال عام 2000. أن تمنح إسرائيل تركيا جزءاً من حصتها في الأسواق الأميركية في قطاع صناعة النسيج، على أن تعمد الشركات الإسرائيلية إلى تصنيع الأنسجة في تركيا من أجل تصديرها إلى الولايات المتحدة.

أخيراً، لا يمكن الحديث عن العلاقات الإسرائيلية ـ التركية من دون التعريج على الملف الكردي. ملف ورّطت الدولة العبرية نفسها فيه باكراً من خلال تدريب وتسليح فرق من «البشمركة»، علّ الأكراد يزعزعون أنظمة بعض الدول العربية (العراق وإيران وسوريا). كما أنّ لوبيات يهودية أميركية عديدة ورّطت دولة الاحتلال في مسلسلات إحراج، وخصوصاً في تحريض برلمانات غربية لاعتماد قانون الإبادة الأرمنية.

ورغم كل ما عكّر صفو العلاقات، لا يزال رجب طيب أردوغان يرفض إلغاء عقود الدفاع أو استدعاء السفير من إسرائيل. فالعقل التركي الجديد يعمل وفق منطق أن أنقرة لم تقم ببناء صداقات مع أعداء الأمس، لتفقد صداقات اليوم. حتى أنّ أردوغان أعلن خلال زيارته إلى الهند في العام الماضي، عن مشروع تركي ـ إسرائيلي مشترك لمد أنابيب نفط وغاز إلى الهند من بحر قزوين، مروراً بمرفأي جيهان التركي وإيلات الإسرائيلي.



- حكاية زواج مصلحة: لا غرام ولا طلاق .

لم تعد تركيا 2009 تشبه تلك التي كانتها خلال الحرب الباردة. لم يعد هناك اتحاد سوفياتي طامع بأراضيها وبمضيقَيها يدفعها إلى التقرّب من أي قوة أو حلف أطلسي أو جارة قوية، لمجرّد تأمين حماية ذاتية. ولم تعد كما كانت، دولة مرعوبة من جوارها العراقي أو السوري أو الإيراني أو اليوناني أو الأرميني، ما دفع بديفيد بن غوريون وعدنان مندريس إلى توقيع اتفاق ضد «الراديكالية الشرق أوسطية وضد التأثير السوفياتي» عام 1958. كما أن هذه الـ«تركيا» قررت بعد 2002، أن توسّع آفاقها، بالتالي فقد ارتأت التوقّف عن النظر إلى نفسها كدولة أوروبية لا تطيق جوارها «المتخلّف»، شأنها شأن رؤية إسرائيل لنفسها. من هنا، زال أيضاً الشبه المفتعل بين تركيا وإسرائيل كدولتين «ديموقراطيتين» وغربيتين في هذا «الشرق المظلم» (عامل كان أساسياً في التقارب المبكر بين الدولتين على قاعدة أنّ المصيبة تجمع). أضف أنّ تركيا، الدولة ذات الأعداء الذين لا يُحصون تاريخياً، باتت بلا عداوات تقريباً. وعندما تصبح دولة كتركيا بلا أعداء، تصبح حاجتها إلى السلاح والتدريب والتحالف الإسرائيلي، أقل بما لا يقاس مما كانت عليه أيام خلفاء أتاتورك.

من هنا، فإنّ جزءاً كبيراً من موجبات اتفاقات عام 1996 قد أصبحت أقل أهمية بالنسبة إلى المصلحة الوطنية التركية. لكن رغم ذلك، فإنها تبقى بحاجة إلى أن تكون دولة عسكرية عظمى، ببساطة لأن الترسانة العسكرية (التقليدية منها والنووية) هي من أهم معايير «الدول العظمى». ولأن السلاح ضروري، لجأت أنقرة منذ سنوات إلى خطوتين قد تبطلان قريباً مفعول الحاجة العسكرية لإسرائيل: نوّعت مصادر مشترياتها الدفاعية، ثمّ عملت على تعزيز صناعاتها العسكرية المحلية، حتى تمكنت قبل أشهر من تنظيم معرض عسكري عُدَّ من بين الأكبر في العالم. كلام لا يعني أن المناورات العسكرية بين هاتين الدولتين ستصبح في خبر كان، فالحلف الأطلسي، الذي تُعدّ تركيا أحد أعمدته، مصرٌّ على إشراك تل أبيب في نشاطاته العسكرية.

وبالنسبة إلى الهمّ الكردي، الذي عدّ طويلاً من بين أهم مبرّرات اتفاق التعاون الأمني الاستراتيجي بين إسرائيل وتركيا ومن أهم أسباب الصفقات العسكرية بينهما، فإن معالجته آخذة مع الوقت في التحول إلى القنوات السياسية بعيداً عن لغة المدافع. من هنا يمكن فهم تلميح وزارة الدفاع التركية، في أيار الماضي، إلى احتمال إلغاء صفقة شراء طائرات «هيرون» الإسرائيلية من دون طيار، التي كان الهدف منها النيل من الأكراد أساساً.
وإذا كانت غاية الغرام التركي ـ الإسرائيلي السابق، مصلحة اقتصادية، فإنّ لغة المال بالنسبة إلى الأتراك مجدية أكثر مع العرب والجوار مما هي عليه مع الدولة العبرية. حقيقة تؤكدها الأرقام، بما أن التبادل التجاري بين الدولتين يناهز الـ 3 مليارات دولار (جزء كبير من هذا الرقم نتيجة صفقات الأسلحة)، لطالما ارتبط التواصل التركي ـ الإسرائيلي الدافئ، بهمّ أنقرة بنيل إعجاب الغرب، علّ ذلك يفيدها من ناحية تقديم شهادة حسن سلوك بالنسبة إلى أوروبا واتحادها. حكّام «العدالة والتنمية» لا يزالون يرغبون وبشدة في العضوية الأوروبية، لكن ليس عن طريق «الزحف» الذي لم يجدِ بعد رغم كل شيء. بناءً عليه، فهموا أن أوروبا تريد منهم طبعاً أن يكونوا على علاقة جيدة مع حليفتها إسرائيل، لكن ليس من الضروري أن يكون ذلك أبداً على حساب علاقات أنقرة مع بقية العالم.


============================================





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق