النظام المالي العالمي بُني على مبدأ {تصنيف AAA لن يتغيّر}
يقول الرئيس التنفيذي في شركة بيمكو العالمية محمد العريان ان النقاش سيطول ولن يكون له نهاية حول ما إذا كان إجراء وكالة ستاندرد آند بورز في تخفيض الديون السيادية الأميركية مبرراً أم لا. لكن هذه الخطوة التاريخية بحسب العريان حصلت، وعلى النظام العالمي ان يضبط أموره وفقها. فهناك تداعيات وتقلبات قادمة.
ولفت العريان إلى أنه قبل فترة ليست ببعيدة، كان مجرد التفكير بأن أميركا قد تخسر تصنيفها AAA أمراً مستحيلاً. وكان يتم تداول مصطلحات سندات الخزينة الأميركية والاستثمارات البعيدة عن المخاطر على نطاق، لدرجة ان النظام المالي العالمي كان مبنيا ويعمل على مبدأ أن تصنيف أميركا من AAA في مأمن ولن يتغير.
ويرى العريان ان أسواق المال العالمية ستعيد فتح أبوابها على واقع متغير. فهناك تداعيات تشغيلية آنية قد تطرأ عن أنظمة التداول لتقييم إدارة السيولة والضمان الاجتماعي. شرائح السوق الرئيسية ستكون محط أنظار بما فيها سوق النقد، وردة فعل أكثر الدائنين الأجانب في أميركا.
في غضون ذلك بالنسبة للاقتصاد الحقيقي، ستكون تكاليف الائتمان عملياً على جميع المقترضين الأميركيين أعلى مع مرور الوقت مقارنة بما اعتادوا عليه. وأضاف العريان انه من الصعب تخيل بعض تخفيض تصنيف أميركا، ان تحذو ستاندرد آند بورز حذو خطوتها الأخيرة على الأقل في بلد واحد من النادي المتأرجح الذي يحمل التصنيف السيادي AAA. ففي
حال حصل هذا الامر في بلد مثل فرنسا على سبيل المثال، لكان عقد المساعي الهشة اصلا من قبل اوروبا لانقاذ البلدان في اتحادها.
الدور المستقبلي لوكالات التصنيف سيخضع الآن الى تمحيص دقيق، ليصبح السؤال الأساسي عمن يصنف وكالات التصنيف؟ على الأرجح سيوحد تصرف ستاندرد آند بورز حكومات اميركا واوروبا في محاولة لاضعاف قوة احتكارها وتأثيرها التشغيلي، وهو ما سيجبر ايضا جميع المستثمرين للقيام بأمر كان عليهم فعله لسنوات، اعداد فحص فني ناف للجهالة لتصنيفاتهم الخاصة بدلا من الاعتماد على الدخلاء.
عملة الاحتياط
ما يزيد القلق اكثر وفق ما يراه العريان هو انه هناك تقلبات متجذرة. ومع احتكار اميركا لمركز النظام المالي في العالم، سيضعف تخفيض التصنيف مع الوقت وضع السلع العامة العالمية التي تصدرها بدءا من الدولار الذي يعد عملة الاحتياط بالنسبة للعالم وصولا الى اسواقها المالية التي تعد افضل مكان للبلدان الاخرى التي تضع مدخراتها في بنوكها، وهو ما سيقوض من فعالية اميركا وكفاءتها، كمرساة عالمية، وسيزيد من الهجرة المتقطعة للنظام المتعدد الاقطاب في حين سيزيد خطر التجزؤ الاقتصادي.
هذه العوامل ستلعب دورها مع الزمن، ويقول العريان ان بعض الانعكاسات الحالية سيتم استدراكها على اعتبار انه لا يوجد بلد آخر قادر، ويسعى لان يحل مكان الولايات المتحدة كمركز للنظام العالمي، عدا عن ذلك الزيادة العامة في التقلب والمخاطر، التي يصعب بالتالي توقعها في ظل وجود درجة عالية من الثقة حول ما ستؤول اليه ردة فعل النظام العالمي.
الى هذا، يقول العريان ان تخفيض تصنيف الديون الاميركية قد يكون بمنزلة جرس انذار لصناع السياسة، ويعتقد ان هناك مؤشرا واضحا لقوة البلاد الاقتصادية المتآكلة والموقف العالمي، وهو ما يستدعي بصورة عاجلة استرجاع المبادرة عبر آلية صنع قرار اقتصادي افضل وحوكمة متماسكة أكثر.
استغلال السياسيين
ولا يخفي العريان ان هناك خطرا من ان فئات سياسية مختلفة قد تستغل خطوة ستاندرد آند بورز كاثبات على معتقداتها وارائها السابقة، فالديموقراطيون قد يرونها حجة لما يعتبرونه ان قرارات الجمهوريين هي السبب وراء اتخاذ ستاندرد آند بورز مثل هذا الاجراء، بينما قد يجادل الجمهوريون بالقول ان ما وصلت اليه اميركا هو نتيجة الانفاق الحكومي غير المتعقل والمسؤول من قبل الحزب الديموقراطي.
لكن ومن اجل سلامة البلاد والاقتصاد العالمي بشكل واسع، على الطرفين ان يبتعدا عن المشاحنات السياسية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق