أي مصر.. مانديلا أم خميني؟
عبد الرحمن الراشد
الاحـد 10 ربيـع الاول 1432 هـ 13 فبراير 2011 العدد 11765
جريدة الشرق الاوسط
الصفحة: الــــــرأي مصر بالفعل مختلفة عن بقية دول المنطقة؛ ها هو وسط العاصمة حيث يحتفل الناس، يلتقطون الصور ويأكلون الحلويات وليس المظهر المألوف بعد البيانات العسكرية وتغييرات الحكم. مظهر يدعو للتفاؤل والتأمل في المستقبل القريب. وهنا في رأسي طن من الأسئلة حول أكبر الدول العربية. نتجادل مثلا: هل تنحى الرئيس حسني مبارك متأخرا أسبوعين؟ أم مبكرا سبعة أشهر؟ خروجه، على أية حال، كان محتوما منذ خطابه الأول. الأهم من مبارك الماضي، هو مصر المستقبل، من سيحكمها وكيف؟ ولأننا لا ندري الإجابة، سنفتش عن الأسئلة، وهناك الكثير أكثر مما تسمح به مساحة هذه الزاوية. هل سيكون حكما عسكريا شاملا ولعدة أشهر حتى موعد الانتخابات الرئاسية، والأرجح أن ترافقها الانتخابات البرلمانية؟ وهذا يعني تغييرا شاملا على كل مستويات الحكم. أم سنرى حكما عسكريا لبضعة أسابيع يتم خلالها نقل الصلاحيات إلى مجلس حكم مدني مؤقت؟ هل سيكون للعسكر دور الرعاية، على اعتبار أن المؤسسة العسكرية كانت الفاعل منذ نصف قرن وحتى ليلة خروج مبارك؟ أم إننا سنرى نهاية حقبة العسكر لا مبارك وحده؟ هل سيستمر ميدان التحرير طرفا في إملاء صيغة المرحلة الانتقالية المقبلة؟ وهل سيصمد؟ أم يمل الشباب؟ وكيف سيواجهون حلفاء الثورة، القوى الحزبية ذات الخبرة والمشروع الأوضح؟ هل سيتفق المنتصرون ويستمرون صفا؟ أم انتهى هدفهم المشترك بإسقاط مبارك وسيتنازعون على إدارة ما بعد مبارك؟ هل سنرى زعيما بين الشباب يصبح لاعبا أساسيا؟ فالحركة الشبابية هي التي أنجزت ثورة مصر الجديدة والمعضلة في الحركة أنها جيش من النمل لم يتبين لنا قائده. وعلى مستوى الإدارة، لا ننسى أن الدولة المصرية منظومة ضخمة من البيروقراطية تسير عادة بشكل شبه ذاتي، فهل ستستطيع الاستمرار من دون قيادة واضحة؟ وإلى متى؟ هل ستواجه القيادة الفورية إشكالات أمنية في ظل سقوط معظم قيادات النظام، وكيف ستتعامل مع الفلتان الأمني لو حدث، خاصة في المدن البعيدة؟ هل ستكون هناك حملة انتقامات؟ وهل سيستطيع الجيش تحديها؟ أم سيختار الجلوس في الدبابات حتى تحسم على الأرض؟ تونس إلى حد ما خرجت من عنق الزجاجة بنقل السلطة مع الاحتفاظ بهيكل النظام، فهل ستختار القيادة المصرية العسكرية أو المدنية أو المختلطة المحافظة على النظام؟ أم ستتركه يتهاوى؟ أخيرا، وهو الأمر الأهم، ما طبيعة الشخصية القيادية التي ستحكم؛ عسكريا كان أم مدنيا؟ هل سنرى في القاهرة زعيما يضمد الجراح مثل نيلسون مانديلا زعيم التحرر في جنوب أفريقيا؟ أم شخصية حاسمة مثل آية الله الخميني زعيم الثورة الإيرانية؟ بمجرد أن نتعرف على الزعيم أو القيادة المقبلة ستتبين لنا ملامح المرحلة المصيرية لمصر. أعرف أن مصر ليست إيران، ونظام مبارك ليس أبارتايد البيض الأفارقة، لكن لا أحد يستطيع أن يتجاهل حرارة الشارع الثائر ومدى تأثير القيادات الفردية والجماعية في مثل هذه الظروف. كل ذلك مرهون بشخصية القائد وإلى أي مدى يريد التخلص من تركة السنين الثلاثين الماضية. خارجيا، هل ستتغير بوصلة مصر فتنتقل إلى المعسكر الآخر، معسكر الثوار؟ أم ستلتزم بمعسكر الاعتدال؟ يجب أن لا ننسى أن السادات غادر الحلف السوفياتي إلى الغربي بقراره الشخصي، وهكذا تغير التاريخ. alrashed@asharqalawsat.com |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق