|
الاتهام الثالث
بقلم نيوتن |
واجهت نخبة العصر السابق ثلاثة اتهامات. عناصر حملة التشويه التى تعرض لها حكم مبارك تبريراً للتغيير. كان الهدف هو إسقاط أى تقدير أو احترام من المجتمع قد يؤدى إلى تعاطف. الاتهام الأول هو الخيانة. الثانى هو الفشل. الثالث هو الفساد. سقط الأول والثانى، ولذا فإن حملة التشويه تبذل جهداً من أجل إثبات الثالث بأى شكل!
الاتهام الأول ارتكز على علاقة مبارك بإسرائيل. روّج الإخوان عبارة «أليعازر» التى قال فيها إن مبارك كان كنزاً استراتيجياً لإسرائيل. ترك مبارك حكمه. جاء من الإخوان رئيس منتخب. لم يتمكن من إبعاد سفير مصر عن تل أبيب أكثر من شهر واحد. أعاده فوراً بعد أزمة غزة. بذل الدكتور مرسى جهداً خارقاً فى أزمة غزة. توسط بين الإخوان فى فلسطين وإسرائيل. صنع هدنة. لم تعد هناك مقاومة. بموجب الهدنة لا يمكن لحماس أن تطلق صاروخاً واحداً على إسرائيل. بموجب الهدنة على مصر أن تمنع تهريب السلاح إلى غزة. بموجب العلاقات الطيبة بين الإخوان وإسرائيل، أرسل الرئيس مرسى برقية إلى شيمون بيريز وصفه فيها بأنه صديقه العزيز. بموجب هذه المواقف الجديدة دعا الدكتور عصام العريان يهود مصر إلى أن يعودوا إلى مصر.
تخطى حكم الإخوان أقصى ما بلغه مبارك مع إسرائيل. مبارك حافظ على معاهدة السلام. الإخوان هاجموها سنوات فى عصر مبارك. هم الآن أول من يدافع عنها. لم يعودوا يرفعون شعار (خيبر خيبر يا يهود.. جيش محمد سوف يعود). وافق مرسى على تركيب أجهزة الاستشعار الإسرائيلية على حدود مصر. قال نتنياهو ذلك منذ يومين. لا يجوز إذن اتهام مبارك بالخيانة. زايد الإخوان عليه وذهبوا أبعد منه. أبعد منه بكثير جداً!!!
الاتهام الثانى هو الفشل. كانت مصر فى عهد مبارك توصف بأنها دولة فاشلة. استقرارها ركود. أمنها طغيان. اقتصادها منهوب. عدالتها غير موجودة. ميزانيتها خربة. يسيطر عليها بضعة رجال أعمال. جاءت ٢٥ يناير. تغير الحكم. جاء عصر جديد. وصل إلى الحكم الدكتور مرسى بأغلبية هشة. أصبح هو الرئيس المنتخب. فى يده القرار. وله الاختيار. هرب الاستثمار، المحلى والأجنبى. انهار الاستقرار. سيطر البلطجية على الشوارع. تعددت أزمات الوقود والكهرباء. مئات المصانع تغلق أبوابها. الأسعار تزيد. الضرائب ترتفع. الديون تتصاعد يوماً تلو آخر. المصريون استنفدوا مدخراتهم. الجنيه ينهار أمام الدولار. تستجدى مصر قرضاً من صندوق النقد الدولى.
من إذن يجب أن يوصف بالفشل؟ اكتشف المصريون أنه ليس لدى الإخوان حلول. تبين لهم أنه لا توجد رؤية. لا توجد قيادة. لا توجد عملياً دولة. هناك هيكل دولة. تبين أن العصر السابق لم يكن فاشلاً. المقارنة أثبتت أن الدعاية كانت مدبرة لا تستند إلى حقيقة. ذهب رجال أعمال وجاء غيرهم من الإخوان. السوق مضطربة. الفقراء يزيدون. العدالة التى طالب بها المصريون لم تأت ولا يلوح أنها سوف تأتى. الميزانية تصرخ. العجز يتضخم. أطلق المصريون نكاتاً معناها أن هناك من يذهب إلى مبارك فى محبسه لكى يسأله كيف كان يدير الدولة!!!!
سقط الاتهام الثانى. لم يبق إلا الاتهام الثالث. الفساد. كل يوم سوف تتحدث الأنباء عن أن كل من كان فى العصر السابق خرب الذمة. لا توجد وسيلة أخرى الآن لمنع التعاطف معهم. قضايا. اتهامات. قرارات. صحف سوف تكتب عن ثروات طائلة. معلومات تشبه قصص ألف ليلة وليلة. هذا الاتهام بدوره سوف يسقط كما سقط غيره. ليس لأن عصر مبارك لم يكن عصراً فاسداً. الفساد سمة العصر. لكنه لم يكن بهذه الصورة التى يلاحق بها كل الناس. تشويه متعمد لرجال أعمال مجتهدين. تشويه متعمد لسياسيين لا يوجد دليل عليه. هناك فاسدون. لكن لا يمكن إطلاق الأحكام على كل الآخرين.
ماذا سيكون فى جعبة الإخوان بعد سقوط كل الاتهامات. الواقع يكشف الحقيقة. القضاء ينظر فى الملفات ويقيّم الاتهامات. الإخوان بعد قليل لن يمكنهم الفرار من المواطن. سوف يسألهم: ماذا فعلتم؟ هو يسأل من الآن بالفعل. لكن ضغط السؤال سيكون أقسى وأصعب. امتحان لا يمكن المرور منه إلا بالإنجاز على أرض الواقع. يحتاج الإخوان أن يثبتوا جدارتهم من خلال قصة نجاح سريعة. سيحققونها إذا تفرغوا للعمل وليس للانتقام والتشويه!!
newton_almasry@yahoo.com |
|