2014-07-06

قراءة حسابية في مسألة الشرعية


قراءة حسابية في مسألة الشرعية
جاءت ثورة 30 يونيو لتنزع الشرعية عن حكم مرسي والاخوان. ولكن هل كان لهم شرعية من الأساس؟

البداية.. 24 يونيو 2012 .. الساعة الثانية ظهرا:

"كنت أتمنى أن يتم اعلان النتائج اليوم في أجواء احتفالية لا يعكر صفوها شيئ، لكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه ... فقد واجهت اللجنة من اللحظه الاولى وقبل أن تبدأ عملها حربا شعواء، وحملات تخوين وتشكيك شنتها العديد من القوي السياسية المختلفة... و نفذ البعض حملات ممنهجه لخلق مناخ كاذب يوحي بالتزوير، اذا لم يفز من أرادوا فوزه".

كلمات المستشار فاروق سلطان رئيس لجنة الانتخابات الرئاسية أثناء اعلان نتيجة انتخابات 2012، أثارت حيرة المصريين، و خوفهم. فهل تعرضت اللجنة فعلا لضغوط للاسراع باعلان النتيجة قبل انتهاء التحقيقات في مزاعم التسويد ومنع الأقباط من التصويت وارهاب الناخبين و اختراق المطابع الأميرية؟

بعد عامين من هذا الخطاب، لجأت لجنة الانتخابات الرئاسية الى مادة في الاعلان الدستوري تحصن قراراتها، لترفض الطعن المقدم من الدكتور شوقي السيد. بينما هناك قضية تحمل رقم 504 لسنة 2012 والتي قدم فيها المستشار عادل إدريس قاضي التحقيق أدلة الثبوت والاتهام ضد محمد مرسي وأعوانه و أمر بحبسه على ذمة التحقيق في تزوير انتخابات الرئاسة، بعد أن تنحى عن نظرها قبله ثلاثة قضاة لاستشعارهم الحرج، وهي قضية لا يلحقها التقادم، حتى و ان طال الاتهام فيها أعضاء في السلطة القضائية.

واذا كانت الاجراءات القضائية والأدلة الجنائية لها مسارها وتقديراتها، فان الارقام الحسابية لها دلالاتها أيضا.

فطبقا للبيانات الرسمية، كان الاقبال في انتخابات 2012  الجولة الأولى 23 مليونا 672 ألفا ، بنسبة اقبال 47% ، بينما قفز في الجولة الثانية الى 26 مليونا و420 ألفا ، بزيادة أكثر من 3 ملايين صوت و نسبة اقبال 52% ،رغم أن وسائل الاعلام يومها تحدثت عن ضعف المشاركة بل و المقاطعة الواسعة أحيانا من أنصار المرشح حمدين الذي حصد ما يقرب من الخمسة ملايين صوت في الجولة الأولى. هذه البيانات ليست جديدة، ولكن الجديد أن الاستحقاقات الانتخابية التالية أظهرت ان أرقام جولة الاعادة كانت استثنائية بشكل مريب. في استفتاء دستور 2012 هبطت نسبة الاقبال الى حوالي 32%، لتعود للارتفاع قليلا في استفتاء 2014 الى 39% . أما في انتخابات الرئاسة 2014 فقد وصلت نسبة المشاركة الى 47% و ذلك بعد اضافة يوم ثالث لأيام التصويت، وسط حشد اعلامي و حكومي و شعبي غير مسبوق، وهي نفس نسبة المشاركة في الجولة الأولى لانتخابات 2012.

ما الذي حدث حقيقة في جولة الاعادة لانتخابات 2012؟ كيف قفزت نسبة المشاركة بشكل مفاجئ يومي السبت و الأحد  16 و 17 يونيو 2012؟ من أين جاءت كل هذه الحشود، رغم ما قيل وقتها من سفر الكثيرين لقضاء أجازة الصيف؟

البيانات الرسمية تقول أن الطفرة في أعداد الناخبين حدثت بشكل أساسي في محافظات الصعيد، و خصوصا في اللجان الفرعية الواقعة على حدود المحافظات بعيدا عن المدن الكبيرة. وهي ذاتها المحافظات والمراكز التي شهدت عمليات ممنهجة لمنع الناخبين الأقباط من الادلاء بأصواتهم، ولعبت العصبية القبلية فيها دورا لترهيب ناخبين آخرين.

الرسم البياني التالي يشير الى تغير ملحوظ و مفاجئ في نمط التصويت في محافظات بني سويف، والمنيا، والفيوم، و أسيوط، بينما بقي ثابتا في المحافظات الكبيرة كالاسكندرية.

بل ان محافظة المنيا بالتحديد شهدت ظاهرة غريبة، وهي حصول المرشح محمد مرسي في الجولة الثانية على عدد أصوات يساوي مجموع ما حصل عليه كل المرشحين ال 13 في الجولة الأولى.




 
والمثير أن محافظات الصعيد التي شهدت هذه الطفرة في الاقبال، شهدت أيضا ارتفاعا مفاجئا في نسبة التصويت لمحمد مرسي، لتصل بشكل غير مسبوق الى حدود 80% ، بينما كان المتوسط الذي أعلنته لجنة الانتخابات 51% فقط من الأصوات لمحمد مرسي. وهو ما يزيد الشكوك في أن الطفرة المفاجئة في أعداد الاقبال في محافظات الصعيد اتجهت كلها لصالح مرشح الاخوان.

هذا النمط يتفق أيضا مع ارتفاع آخر  في مناطق حدودية بعيدة عن السلطة المركزية مثل أطراف محافظة مرسى مطروح و شمال سيناء و الوادي الجديد، كما يظهر من الرسم البياني التالي الذي يوضح نسبة الاصوات التي حصل عليها كل مرشح في جولة الاعادة:



حسابيا، فان شكوكا كثيرة تحوم حول شرعية حكم الاخوان. هل فاز مرسي فعلا بانتخابات 2012؟ كيف حصل على دعم النشطاء الثوريين يحتشدون له في التحرير ، ويتحلقون حوله في اتفاق فيرمونت، موفرين الغطاء السياسي لاعلانه الأحادي الجانب بالفوز بالانتخابات بعد منتصف الليل، ومشاركين مع جماعته في التهديد بحرق البلاد ان لم يتم اعلانه رئيسا، وهو الذي تبرأ من وعوده لهم بعد أن اختطف منصب الرئاسة بوضع اليد؟

لابد من استكمال التحقيق في عمليات التزوير الموسعة التي صاحبت انتخابات 2012 بجولتيها، و تحديد المتواطئين مع الاخوان، سواء من جماعة قضاة من أجل مصر أو غيرهم، والرشاوى التي تم دفعها، حتى نستخرج الدروس والعبر، من أجل الوصول الى نظام انتخابي أكثر شفافية ونزاهة مستقبلا.

هذا حق للمصريين جميعا.


م/ أحمد سرحان

2014-01-02

البحث عن عدو.. #سبايدر و #ابله_فاهيتا و #فودافون ومانديلا

البحث عن عدو.. 

سبايدر و ابله فاهيتا و فودافون و مانديلا


لست من الثوار، ولكني أتشرف بصداقات واحترام متبادل مع كثير منهم، وأرجو أن يتقبلوا نقدي هذا بصدر رحب.. لأنهم هم الذين جعلوا لشخصيات مثل سبايدر قيمة و جمهور. والحقيقة ان محدش من معارضي يناير من اللي بيقولوا عليهم "فلول" ، كان يعطيه أي أهمية.. 
الثوار هم اللي مسكوا في حاجات تافهة..  لأنهم تقريبا مكانوش لاقيين حاجة عليها القيمة يمسكوا فيها.
"شيطنة النظام السابق" و "شعوذة الفلول" كان أهم عند الثوار من الثورة التي خروجوا من أجلها... لكن الحقيقة ان النظام السابق لم يكن شيطانا و "الفلول" لم يكونوا مشعوذين ولا متابعين لنظريات المؤامرة و شفرات الاعلانات..
كان المهم هو خلق شرعية يناير "الطاهرة" في مقابل النظام " المجنون"
شرعية بنيت على نقطتين لا ثالث لهما: انهم ضحايا النظام، و أن كل النظام فاسد شيطاني... وبالتالي نخبة يناير هم وحدهم الورثة الشرعيون.. ومن ليس معهم فهم عبيد وفلول..

لو كان النظام فعلا على نفس درجة الشيطنة التي حاول بعض الثوار تصويرها قبل و اثناء و بعد يناير، لما بذلوا أدنى جهد في متابعة سبايدر و فاهيتا و التسجيلات المسربة... ولما انزلقوا خلف الاخوان الذين اختزلوا كل أهداف الثورة في شعارات القصاص من عدو مجهول.. ولما خدعوا الشعب بقصص عن نصيب الفرد من "الثروات المنهوبة".
اليوم لا احد ممن يطلقون عليهم "الفلول" يهتم بمتابعة المغير و عبدالرحمن عز و محمد الجوادي و أم أيمن وعلاء صادق و غيرهم من مجانين الاخوان... النسخ الاخوانية من سبايدر.
ليه؟ لان محدش محتاج يثبت ان الاخوان من أول بديع ومرسي و حتى المغير و عز هم شياطين مارقين فاسدين ، وان الثورة عليهم شرعية و مبررة بل و واجبة.

انتو اللي كنتو عاوزين أدلة تبررون بها تصرفاتكم امام الشعب.. 

و للأسف مابتعرفوش تختاروا معركتكم .. 

فلما صمت كل رموز النظام و لم يقاوموا و استسلموا لحكم القضاء، بحثتم عن عدو يبرر وجودكم كأبطال.. هرولتم خلف سبايدر.. و حزمة الجرجير.. و حكايات الماسونية.. و الحظاظات .. والخ.

نفس القصة مستمرة لليوم... عاوزين يثبتوا ان الدولة "عبيطة" و ان "الفلول" رجعوا .. وهم وحدهم الأذكياء  الأنقياء الأطهار.. متجاهلين ان الدولة تخوض معركة حقيقية ضد الارهاب، أكبر من ابله فاهيتا و سبايدر، وأنه بالرغم من ثورة يونيو التي قالوا أنها "ثورة الفلول" فان رموز النظام الذي ثاروا عليه في يناير لا يزالون خارج مصر أو في السجون... وحتى من خرج منهم من السجن فقد لزم بيته وأمسك لسانه (صفوت الشريف وفتحي سرور و زكريا عزمي وأحمد نظيف و مفيد شهاب و علي الدين هلال و الجبلي و جرانة و المغربي ... مجرد أمثلة) .. 

لازم كل يوم يحاولوا اثبات ان يناير على حق .. وهو ما يعني ببساطة محاولة اخفاء أخطائهم في يناير.. وبالذات تحالفهم مع الاخوان.

و لنفس الاسباب ، لم و لن يظهر مانديلا في مصر..
عشان يكون فيه تسامح حقيقي، لازم يكون فيه ظلم حقيقي!
عشان يظهر مانديلا، لازم يكون الثائر في الاصل مضطهدا بالفعل!
لا أحد يجادل في عنصرية نظام جنوب افريقيا ، ولذلك كان سهلا أن يقتنع الناس بزعامة مانديلا، وقيادته الشعب نحو التسامح والمصالحة.. لكن ما فعله النظام العنصري في 300 سنة لا يقارن بثلاثين سنة من حكم مبارك أو حتى ستين سنة من نظام يوليو..
ولهذا لم تأت نخبة يناير "بالكفاءات" اللي كان مبارك "دافنها".. ولم يحدث على يدها أي تطور فكري في السياسات الاقتصادية و أكل العيش للشعب اللي وعدوه بالجنة...
سبب غياب المصالحة والتسامح بعد ثورة يناير هم الثوار انفسهم ، الذين اندفعوا خلف الاخوان في البحث عن عدو و الانتقام منه ..
قليل مما ادعوه كان حقيقة... فكان التسامح رفاهية لا يملكونها..
التسامح يحتاج للصدق...  ولكن كان لابد أن تتضخم الاكاذيب...
المصالحة تلزمها المصارحة... لكن بعض الشرعية بنيت على الخداع.. من أول السبعين مليار دولار والمقابر الجماعية تحت الأرض في أمن الدولة اللي اقتحمه "الثوار"، و لغاية ضحايا سبايدر و شفرات ابله فاهيتا في اعلان فودافون..

و لذلك تنهار شرعية "الشباب الطاهر والنقي" سريعا بعد يونيو.. لأنهم مشغولون بالمعارك الخطأ و التحالفات الخطأ..

عموما، النائب العام أحال بلاغ أحمد سبايدر و بلاغ مصطفى النجار للتحقيق في نفس اليوم.. خلينا نخلص بقى من السذاجات دي و نركز في المهم و في المستقبل..

لا سبايدر نجم شعبي و لا النجار قائد ثورة يناير.. مجرد أشخاص يبحثون عن الشهرة و يحبون الأضواء .. يستخدمهم اعلاميون يبحثون عن الاثارة و ايرادات الاعلانات.. وكلهم يسيؤون لشرفاء خرجوا بدافع الوطنية و بغرض الاصلاح في 25 يناير و 30 يونيو.. 


===================

ملاحظة: لو مش عاجباك التدوينة دي، يمكن تلاقي دي أحسن شوية.. نشرتها في مايو 2013:
من التخوين الى التثوير
http://egyptconsultant.blogspot.com/2013/05/blog-post.html

أو يمكن دي .. اللي كتبتها في  ديسمبر 2011:
الحقيقة وراء 25 يناير
http://egyptconsultant.blogspot.com/2011/12/25.html

===================

ملاحظة تانية: أنا عمري ما شفت سبايدر ده، ولا ضيعت وقتي في متابعة فيديوهات فاهيتا.. فيه حاجات كتير أهم في البلد .. الدستور والارهاب و الاقتصاد. 

الغارقون في الماضي ليس لهم مكان في المستقبل. ما فات مات، و ما مضى لن يعود، و لم يعد هناك وقت نضيعه في معارك عبثية 


أحمد سرحان...
أول يناير 2014